كريستيل زيادة-بيروت
يولد الفضول مع الطفل بالفطرة وهو حاجة طبيعيّة للذهن لينمو وينضج، وهو بحاجة إلى مساعدة والدَيه ليجيبا عن كل تساؤلاته التي قد تكون مرهقة لهما، لكنّ عدم تلبية رغبته في اسكتشاف ما يدور حوله، قد ينعكس سلباً على شخصيّته.
تظهر أولى ملامح الفضول الفطريّة لدى الأطفال حين يولون اهتماماً بكلّ ما يدور من حولهم، فيراقبون الأشياء التي تحيطهم ويلمسونها، حتى أنّ بعضهم يحاول تذوّقها أو تفكيكها واكتشاف ما في داخلها.
قد يُخفى على الأهل أنّ عليهم تشجيع أطفالهم على تنمية حاجتهم إلى اكتشاف ما يدور حولهم والتعرّف على كل ما يحيطهم، لما لها من انعكاس إيجابي على حيويّتهم ووعيهم على الحياة. كما من الضروري أن يؤمّن الوالدان لطفلهما أجواء تخوّله خوض تجارب جديدة يكتشف من خلالها الأمور التي تثير اهتمامه، ما يعزّز شخصيّته في المستقبل. يتعيّن عليهما السماح له بالتعبير عن فضوله، وبالتالي يجب تجنّب تنبيهه بشكل مستمرّ حول الأمور التي يقوم بها وعدم الانهيال عليه بعبارات شأن «لا تستطيع القيام بذلك» أو «انتبه كي لا تتّسخ ملابسك» أو «توقّف عن طرح الأسئلة». كما عليهما الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها حتى لو كانت تتسبّب في إزعاجهما أحياناً.
الفضول دليل ذكاء
لا شكّ في أنّ الطفل الفضولي، يتسبّب في إزعاج الأهل والمربّين الذين يجب أن يتحلّوا بالصبر ليشرحوا له مراراً وتكراراً الأمر نفسه وليجدوا التفسيرات المناسبة التي تلائم سنّه. وفي بعض الأحيان، يفقد الكبار صبرهم أمام إلحاح أطفالهم على معرفة كلّ شيء، فلا يلقون آذاناً صاغية لهم ولا يكترثون لتساؤلاتهم الغريبة. لكن ما يجهله الأهل أنّ الفضول دليل مبطّن على أولى ملامح الذكاء التي تتجلّى لدى الصغار. فحين يطرح الطفل أسئلة عديدة حول موضوع واحد، هذا يعني أنّه يتمتّع بدرجة ذكاء عالية تدفعه إلى التفكير في كلّ جوانب الموضوع وإيجاد أجوبة عن أسئلة كثيرة شأن: «من قام بذلك؟»، «لمَ السماء زرقاء؟»، «كيف يطير العصفور؟»، «أين تذهب الشمس في المساء؟» وغيرها من الأسئلة الغريبة التي يسأم الأهل من شرحها أو يصعب عليهم إيجاد إجابات لها. منذ السنوات الأولى على الوالدَين أن يدعما ملامح الفضول التي تظهر لدى طفلهما، وعدم التذمّر منها ليتشجّع على المضي قدماً بأفكاره وكي لا يكبت تساؤلاته أو يحاول اكتشافها بوسائل أخرى قد تكون مؤذية.
ملامح الفضول
لا تستطيع الإجابة البسيطة إشباع فضول الطفل الذي لا يملّ من وطرح الأسئلة على والدَيه. من أبرز ملامح شخصيّة الطفل الفضولي:
– عدم الاكتفاء بطرح سؤال واحد ومحاولة الدخول في أدقّ التفاصيل.
– الإفراط في الاستفسار عن كل ما يدور حوله.
– التدخّل في الأمور التي تعنيه وتلك التي لا تعنيه.
– إظهار رغبة شديدة في المشاركة في أعمال ليست من اختصاصه، شأن المطبخ أو أي عمل آخر يقوم به والداه.
كيف تتعاملين معه؟
يرمز الفضول إلى نوع من الإدراك الذي يتمتّع به الطفل، كما هو شكل من أشكال الشجاعة التي تدفعه إلى التخلّي عن الأمور التي يعرفها والتقدّم نحو أمور يجهلها. فالطفل غير الفضولي، يكون عادة خجولاً، وقد يعاني أحياناً من خوف مرَضي من الآخرين. لهذا السبب، يجب أن يحسن الأهل التعامل مع طفلهم الفضولي بأفضل الطرق وألا يقوموا بتوبيخه، كما عليهم تشجيع الطفل الخجول على طرح الأسئلة والاستفسار عن كل ما يجول في ذهنه. إليكِ في ما يلي، أبرز الخطوات التي يجب اتّباعها في حال كان طفلك ينتمي إلى شريحة الأطفال الفضوليين:
– أجيبيه عن تساؤلاته بشكل منطقي ومقنع من دون التحايل عليه كي ينسى أسئلته.
– لا تصدّيه، بل تعاوني معه كي لا يمتنع عن التفكير والاستفسار عما يحيط به.
– مهما كانت الأسئلة محرجة، شأن «من أين أتيت؟» لا تتهربّي من الإجابة، بل ردّي بطريقة سهلة ومناسبة لعمره من دون الخوض في التفاصيل أو الامتناع عن الإجابة لأنّه سيذهب إلى مصدر آخر ويستفسر منه.
– احرصي على المصداقيّة في إجاباتك، وفي حال لم تتوافر لديك أيّ معلومة حول الموضوع، لا عيب في أن تعترفي له بذلك وأن تبحثا سويّاً عن الإجابة كي يعتاد على الصدق.
– إن كانت الأسئلة التي يطرحها علميّة وأعلى من مستوى تفكيره، عليك التعامل معه بدرجة الذكاء نفسها وإجابته بطريقة علميّة حتى إن لم يفهم كل المعلومات التي تقدّمينها له. فبعدما يحصل على الإجابة المطلوبة، سيشغل تفكيره ويتشجّع على البحث عن الأمور التي لم يفهمها.
أخيراً، من الضروري أن تختبري فضول طفلك، فحين ينهال عليك بالأسئلة في الصباح وتقومين بإجابته عنها بشكل متتال والتي تكون مزعجة أحياناً، تأكّدي في المساء أنّه اكتسب المعلومات الجديدة واطرحي عليه الأسئلة نفسها كي تقيّمي مدى فهمه لها. من الضروري ألا تذهب جهودك سدى وأن يكون لفضول طفلك هدف تثقيفي وتعليمي.
ساعديه على تنميته
فضلاً عن أنّ الفضول دليل على ذكاء الطفل وحبّه للمعرفة، فهو أيضاً إشارة إلى بدء نموّه الفكريّ وقدرته على اكتساب المعلومات الجديدة. إذاً الفضول صفة حسنة من الضروري تنميتها، فلا تحدّي من عشق طفلك إلى الاطّلاع عن كلّ ما يجري من حوله. على العكس، في حال اكتشفت أنّه لا يعير ما يحيط به أي أهميّة، حثّيه على طرح الأسئلة ونمّي روح الاكتشاف لديه.