أرادت أن تختبر الأمومة، فأنعم الله عليها بذلك. أرادت أن تتحمّل المسؤوليّة فنحجت في تولّيها وباتت خير مثال للأمهات الفاضلات.
تحتفل الاعلامية اللبنانية راغدة شلهوب بيوم عيد الأم مع والدتها وابنتها ناي متناسية كلّ المصاعب التي واجهتها، فإيمانها تزعزع عند مفترق ما، لكنّ الأمل بحلول غدٍ أفضل أعاد إليها قوّة ذلك الإيمان وجعلها محصّنة في وجه أيّ مشكلة.
إليكم هذا اللقاء مع أم تعبت، سهرت، عانت، وبالرغم من ذلك لا تفارق الضحكة وجهها الجميل.
– أنت أم لابنة تبلغ من العمر ثلاث سنوات. ماذا تعلّمت من هذه التجربة؟
التضحية والصبر. كما أصبحت أقلّ أنانية، بل إنّني أنسى نفسي أحياناً كرماً لعينَي ابنتي ناي، فهي باتت تحتلّ صدارة أولوياتي. إلا أنّني أشعر أحياناً بالتقصير تجاه ذاتي.
– وكيف ذلك؟
لا أهتم بنفسي كما يجب، وهذا خطأ كبير، إذ يُطلب مني أحياناً إجراء فحوص طبيّة، إلا أنّني أغض النظر عن ذلك فأشعر لاحقاً بالذنب تجاه نفسي وتجاه ابنتي لأنّني المسؤولة عنها. أدخّن أحياناً وأتمنّى التخلّي عن هذه العادة السيّئة ولكنّني لا أنجح في تحقيق ذلك.
– من يهتمّ بابنتك أثناء غيابك عنها؟
أرفض أن أوكل هذه المسؤوليّة إلى الخادمة كما تفعل بعض الأمهات. لذا تمضي ناي القسم الأكبر من النهار في المدرسة، وحين تعود إلى المنزل تجد مربيتها التي تهتم بها إلى حين عودتي وهنا تنتهي مهمّتها.
– ثمّة نساء يتزوّجن فقط من أجل إنجاب الأطفال، ما ينعكس سلباً على شريك حياتهنّ. فهل تؤيّدين هذا النوع من الزواج؟
صحيح ما قلت، لكنّ هذا القرار قد يكون ناتجاً عن إرادة الطرفين. لا تستطيع أن تضع نفسك محلّ الآخرين، إلا أنّ ما أعرفه هو أنّني أردت الزواج لأنّني أحببت زوجي، كما أردت أن أختبر شعور الأمومة قبل كلّ شيء.
– هل يمكن الأم المطلّقة أن تربّي أولادها بنفسها؟
نعم، علماً أنّها تعيش صراعاً كبيراً بعد أن تنفصل عن زوجها وخصوصاً عندما تكون قد أنجبت منه أبناء. وفي هذه الحالة، فإنّ الكثير من النساء يفضّلن التضحية من أجل أبنائهنّ ويواصلن حياتهن بمفردهن، لا بل إنّ الكثيرات يتولّين هذه المهمة وهنّ متزوّجات ولا سيّما إن كان الزوج غائباً معظم الوقت أو مسافراً. وهذا ما حصل معي، إذ إنّ زوجي يعمل في الخارج، لذا وجدت نفسي أعيش حالة من السباق مع الوقت كي أتمكّن من القيام بكلّ شيء في الوقت المناسب، فمن قال إنّ الدنيا أمّ لم يخطئ لأنّها تحمل في قلبها كلّ الحزن من أجل تأمين حياة مستقرّة لأولادها.
– هل تشعرين بالذنب تجاه ناي؟
نعم، فهي تطلب مني أحياناً أن أمسك بيدها لأنّها افتقدتني، فأوقات عملي عادةً ما تكون طويلة، ما يدفعها إلى أن تتصل بي باستمرار أو أن تركض في اتجاهي حين أدخل إلى المنزل، وهذا الأمر يحزنني بقدر ما يفرحني، لأنّني أتمنّى أن أكون بشكل دائم إلى جانبها، لكنّ الحياة ليست قصّة خياليّة كما يعتقد بعضهم.
– هل تشعرين بأنّ ابنتك ظلمت معك؟
أبداً لأنّني أرعاها بشكل جيّد وأقدّم لها كلّ الحنان والاهتمام، فأنا ألعب دور الأم والأب في الوقت نفسه، كما أنّني صديقتها، نلعب معها ونضحك معاً ونتحاور.
– بعيداً من الأمومة أمضيت 12 عاماً في المحطة نفسها، فلمَ هذا الإصرار؟
بعد أن أمضيت سنوات عدّة في Orbit، ما زالت تنتابني مشاعر إيجابيّة لأنّ العاملين في هذه المحطة أصبحوا يشكلون جزءاً من عائلتي. لذا يصعب عليّ أن انتقل إلى مكان آخر.
– يعتبر بعضهم أنّ بقاءك كلّ هذه المدّة في المحطة نفسها انعكس سلباً عليك وعلى بعض المحطات التي قد تفضّل عدم العمل معك لأنّ صورتك استهلكت كثيراً من قبل Orbit. ما تعليقك؟
لا علاقة للأمر بصورتي، فقد عرض عليّ تقديم الكثير من البرامج طوال مسيرتي ولكنّني لم أشعر يوماً بأنّني غير مقدرة معنوياً ومادياً في المحطة التي أعمل فيها. لذا لم أجد السبب المناسب الذي يدفعني إلى الانتقال إلى مكان آخر. أؤمن بأنّ كلّ شيء يحدث لنا هو لخيرنا، وحين يحين موعد مغادرتي البرنامج سأحزم أمتعتي ولن أندم على قراري لأنّني امرأة واقعيّة، بل سأحزن على فراق بعض الأصدقاء الذين رافقوني طوال هذه المدة.
– إلى أيّ مدى أنت راضية عن ذاتك؟
أحزن على نفسي أحياناً، فقد واجهتني في أحيان كثيرة أمور لم تكن في الحسبان فأحبطت عزيمتي، لكنّني راضية عن نفسي بشكل عام سواء على الصعيد الشخصي أم المهني، خصوصاً أنّ الكثيرات يحسدن مكانتي ويتمنّين لو يأخذن الكرسي الذي أجلس عليه لأطلّ من خلاله على جمهور أحترمه كثيراً.
– مررت بظروف صعبة ومن لا يعرفك لم يعلم يوماً بأمر تلك الظروف، خصوصاً أنّ البسمة لم تفارق وجهك يوماً. فكيف تفعلين ذلك؟
هذه ميزة أتمتّع بها وتفاجئني أحياناً قدرتي على إخفاء حزني، فأنا أضحك حتّى في الأوقات الصعبة، ربّما أفعل ذلك بحثاً عن أمل للخروج من هذا الضباب الذي يحيط بي، إذ إنّني على يقين أنّ كلّ حزن تقابله سعادة. لا أؤمن بالاحباط وهذه نعمة من ربّ العالمين، وأنا أحمده على إعطائي أجمل ما تمنيته، ابنتي.