حوار: Nicolas Azar، تنسيق: Farah Kreidieh،
تصوير: mSeif، ماكياج وتصفيف شعر: Joe Raad
تختار أدوارها التمثيليّة بتمعّن، ومن ثم تذهب إلى خزانتها، تبحث في أدراجها لعلّها تجد الثوب الذي يلائم هذا الدور… إلا أنّها سبق ورسمته في رأسها وفي خيالها، فلم يعد حبراً على ورق، بل انتقل إليها حاملاً كل صفاته، بل وجد ضالته، وعاد ينبض بالحياة… هو سعيد، يضحك كالطفل، لأنّه مكتف بحب نجمته التي لم تبخل عليه بشيء، فكانت الحبيبة والصديقة والشقيقة. أما هي، فهي تلك المرأة التي تتمتّع بموهبة استثنائيّة تجعلها تسيطر على الشخصيّة التي تسلّم أمرها لها. هي الممثلة السوريّة ديما قندلفت التي أثبتت أنّها منافسة شرسة في ميادين الدراما المختلفة، بل هي أيضاً امرأة شرسة تدافع عن حقوق المرأة وترفض أن تظهر مغلوباً على أمرها.
-شاركت أخيراً في ثلاثة أعمال عرضت في شهر رمضان الفائت… «يا مال الشام»، «قمر الشام» و«صرخة روح». في حين، اختارت نجمات أخريات عملاً واحداً هذا العام، ربما خوفاً من التكرار أو عدم إيجاد نص ملائم. كيف تختارين أدوارك؟
استراتيجيّتي لا تزال كما هي، أي أنّني غالباً ما أختار من ثلاثة إلى أربعة أعمال في السنة، حيث أديت دور البطولة في «يا مال الشام»، في حين جاءت مشاركتي في «قمر الشام» كبطولة جماعيّة، أما مشاركتي في «صرخة روح» فكانت خماسيّة. صوّرت كل هذه الأعمال في الشام، واخترت فقط ما يناسبني ويدفعني إلى تقديم ما هو جديد.
-من يتابع شؤون الدراما السوريّة، يلاحظ أنّ بعض الأقلام الصحافيّة تغيّب اسمك عن لائحة نجمات الدراما السوريّة (الصف الأول)، بينما آخرون يعتبرونك نجمة أولى ومن الطراز الرفيع. ماذا يحدث، وكيف هي علاقتك مع أهل الصحافة؟
علاقتي مع أهل الصحافة فيها كثير من الرقي، أعلم تماماً أنّ أخباري الفنيّة لا يتم تداولها بغزارة على صفحات المجلات، إنما هي ليست مغيّبة. أظهر إلى الإعلام حين يكون هناك شيء ليقال، لأنّني لا أريد الوقوع في التكرار، إن من ناحية المقابلات أو الأحاديث الصحافيّة. كل ما يهم الناس هو مشاهدة عمل جميل، إنما لا مانع من أن أظهر في لقاء أو أكثر، ولست هنا لأقلّل من شأن الإعلام وما يتمتّع به من قوّة لإبراز نجم على حساب آخر، لكنّني أفضّل الابتعاد عنه حين أفتقد إلى مادة تفيده وتفيدني في الوقت نفسه. للأمانة، الإعلام العربي أنصفني منذ بداياتي، وهو لا يقصّر تجاهي.
-إنما قلما نشاهدك في برامج تلفزيونيّة…
لأنّني لا أحب كثيراً الظهور التلفزيوني، لذا أختار إطلالاتي بتمعّن شديد. ظهرت أخيراً في برنامج «نوّرت»، ربما قد أشارك مثلاً في برنامج «حديث البلد» أو ربما مع نيشان…
-ألم تتلقّي دعوة للمشاركة في «أنا والعسل 2»؟
كلا.
-لماذا؟
لا أدري… ربما العام المقبل.
-أنت مادة دسمة لأهل الصحافة خصوصاً من ناحية الارتباط. هل تزوّجت؟
لا أزال مخطوبة…
-شاركت في الجزءين الأول والثاني من «باب الحارة» وقيل حينها إنّك فضّلت عدم تكرار تجربة البيئة الشاميّة، إلا أنّ مشاركتك الأخيرة في «قمر الشام» ناقضت هذا التصريح. ماذا يجري؟
لم أشارك في الجزء الثالث منه، لأنّني لم أجد دوري فيه مختلفاً وجديداً عما قدّمته في الجزءين الأولين… هذا ما قلته حينها، وقلت أيضاً إنني ضد المفاهيم التي طرحها «باب الحارة» في وقتها، خصوصاً لناحية المرأة. نحن اليوم في العام 2013، وأشعر بأنّني لا أزال أدافع عن مكانتي، فأنا امرأة عاملة ومثقّفة، وأرفض أن تظهر المرأة مغلوباً على أمرها، وهذا ما طرحه «باب الحارة» حيث كان الرجل الشامي حينها يعامل المرأة وكأنّها أدنى منه مرتبة… لا أنكر أنّ هذا الأمر كان موجوداً، إنما لا نستطيع أن نشمل جميع النساء، وإلا لم نكن لنتعامل مع كاتبة سوريّة وممثلة سوريّة ورسامة سوريّة وطبيبة سوريّة وما إلى هنالك… كل هذه الثورات النسائيّة لم تأت من عدم، بل ثمة نساء كثيرات فضّلن التعلّم آنذاك، لا بل زرعن مواهبهن، ونحن اليوم نحصد نجاحهنّ ونمشي على دروبهن. عشرات النساء شاركن في ثورات في ذلك الوقت، إلا أنّ هذا لم يظهره «باب الحارة». أريد أن أشير إلى أنّ هذا الأخير لم يطرح مفاهيم خاطئة، إنما طرح زاوية لم أجد نفسي فيها، ولا أستطيع أن أكرّس موهبتي في مفهوم لست مؤمنة به.
-يشعر البعض بأنّ دراما البيئة الشاميّة وقعت في فخ التكرار. ما تعليقك؟
أقول دائماً إنّ الكم يفرز النوعيّة والنخبة… بعض تلك الأعمال حقّق نجاحاً ساحقاً، وبعضها الآخر مرّ مرور الكرام. ما حدث أنّ هذا النوع من الدراما نجح في مرحلة ما، ما دفع منتجين آخرين إلى أن يتبنّوا هذا النوع في أعمالهم، وذلك لاستقطاب المشاهدين وتحقيق النجاح. وهذا الأمر ينطبق على الدراما التركيّة، إذ إنّ بعضهم يتبنّى اليوم فكرة نجاح تلك الأعمال وترجمتها في عمل عربي، من خلال اللجوء إلى مفاتيح تميّزها. العمل الناجح، تاريخياً كان أو شامياً، كوميدياً أو درامياً، قائم على قصص مستوحاة من حياتنا ومرفقة بمعلومات صادقة ومؤرخة.
-هل توافقينني الرأي إذا قلت لك إنّ الدراما السوريّة قاسية بعض الشيء؟
أعترض على هذا التعبير، هي دراما حقيقيّة، قريبة من الناس. هي ليست قائمة على قصور وثراء فاحش، بل تواكب يوميات المواطن السوري وتنقل أفراحه وأتراحه.
-ربما ما أشرت إليه من قصور وثراء يترجم حال الدراما اللبنانيّة التي أصبحت قائمة على حلم غير ملموس؟
للأسف هذا ما يحصل حالياً مع الدراما اللبنانيّة، علماً أنّها تمتلك كل العناصر لتكون دراما قويّة ورائدة وحقيقيّة، إن لناحية المخرجين أو المنتجين أو النصوص أو الممثلين.
-ربما لأنّ المنتج هو من يتحكّم بالدراما اللبنانيّة؟
حتى لو، ثمة أعمال دراميّة سوريّة افتقدت البذخ والإنتاج الضخم، إنما استطاعت من خلال السيناريو الخاص بها أن تحلّق عالياً، كون الأخير محبوكاً بطريقة جميلة. المكان والقالب اللذان يدور فيهما العمل اللبناني، لا يحاكيان الشارع اللبناني.
-لننتقل إلى النصوص الكوميديّة السوريّة، بعضها يفتقد الذكاء، لنراه يقع في خانة السخافة.
ثمة كتّاب جيّدون في الدراما الكوميديّة، إنما هذا لا يمنع أن يظهر على الشاشة عمل أو اثنان تنقصهما مقوّمات الحبكة الكوميديّة.
-هل يهمّك من يقف أمامك في العمل؟
طبعاً يهمّني، إذ عليه أن يمتلك الحد الأدنى من مقوّمات اللعبة (التمثيل). نادراً ما أقف أمام ممثّل ضعيف، وإلا سأفتقد متعة التمثيل، إلا أنّني أفرح كثيراً حين أقف أمام ممثل مخضرم، إذ أشعر بأنّنا نحلّق معاً في العمل.
-هل لا تزالين تتمتّعين بهذه المهنة؟ أي هل تجدين ممثلين تتعلّمين منهم أموراً جديدة؟
طبعاً، وهم كثر… وقفت في بداياتي إلى جانب الممثلة القديرة منى واصف، يا لها من تجربة لا تنسى، وإلى اليوم لا أزال أتعلّم من الشريك، كوقوفي مثلاً أمام الأساتذة بسام كوسا، عباس النوري، صباح الجزائري وغيرهم. أمل عرفة تدهشني بتمثيلها، أما السيدة سمر سامي، فأقف جامدة حين تمثل.
-كيف وجدت الوقوف أمام سلاف فواخرجي في «يا مال الشام» بما أنّه التعاون الأول بينكما؟
تحترم عملها كثيراً، هي فنانة ملتزمة ومجتهدة… إنسانة لطيفة جداً، واللافت أنّ التناغم بيننا صبّ في خدمة العمل. ربما لسنا صديقتين مقرّبتين، رغم أنّ هذا الأمر ليس مطلوباً في عملنا، إنما التفاعل بيننا كان جلياً داخل الأستوديو وخارجه.
-هل يقلقك الوقوف أمام نجم تتعاونين معه للمرة الأولى؟
إطلاقاً، أجد الأمر بمثابة التحدّي الإيجابي، إذ أشعر بحماس بالغ يدفعني إلى تقديم أفضل ما لديّ، والأمر سيّان بالنسبة إليه.
-كيف وجدت التعاون اللبناني – السوري في الأعمال الدراميّة؟
هي ليست المرة الأولى التي يقف فيها اللبنانيون إلى جانب السوريين، وهو يغني الدراما مهما كانت جنسيّتها. كما يزيد من نسبة المشاهدة، خصوصاً أنّ ممثلين لبنانيين كثيرين يتمتّعون بحرفيّة عالية.
-نعلم جيداً أنّك تعشقين تمثيل النجمة اللبنانيّة تقلا شمعون. هل هذا صحيح؟
هي من الممثلاث اللواتي يدفعنني إلى التسمّر على الشاشة لمشاهدتهن. أتابع كل حركة في وجهها كما أنّها تتمتّع بذوق رفيع، قلّما نجده عند ممثلات أخريات. تأخذك إلى مكان لا يعلم به إلا صاحبته. حين تابعتها في «روبي»، أردت أن أتصل بها وأنقل لها مدى فخري الكبير بها.
-تربطك علاقة وطيدة مع الكاتبة السوريّة ريم حنا، التي قدّمت لنا أخيراً «لعبة الموت». لماذا لم نرك في عملها؟
عرضت عليّ المشاركة في هذا العمل، إنما لم تشأ الظروف أن يتم هذا التعاون خصوصاً أنّني كنت أصوّر حينها أعمالي في دمشق، إنما ثمة عمل جديد من توقيعها، وهي وعدتني بأن أشارك فيه.