“ضحايا الموضة” تعبير شائع يطلق على من يتبع صيحات الموضة بشكل أعمى حتى لو عنى ذلك أن يظهر بصورة قبيحة أو منفرة، أو أن يؤذي نفسه جسدياً ونفسياً لمجرد أن يكون صورة حيّة عن آخر ما يظهر على منصات عروضات الأزياء العالميّة.
فهل أنت من ضحايا الموضة؟ وما هي الدلائل التي تشير إلى إمكانيّة إصابتك بهذه الحمّى؟ وكيف تحمين نفسك منها؟
– التشبّه بعارضات الأزياء: ما لا تفكر فيه المرأة التي تتابع الموضة بشكل أعمى هو أنّ العارضات اللواتي تراهنّ، يرجعن فتيات طبيعيات حين ينزلن عن المنصة، يرتدين الثياب البسيطة ولا ينتعلن الحذاء عالي الكعب أو يصفّفن شعرهنّ بالطريقة التي يبدون فيها تحت الأضواء. هي تريد صورة المرأة الكاملة التي تراها أمامها، وتسحرها بأناقتها ورشاقتها وأسلوبها المنفرد، وليس من الخطأ أن ترغب في هذه الصورة لنفسها، لكن بشرط أن تحافظ على هويّتها وتفرّدها وجمالها الخاص، أي أن تختار ما يناسبها ويبرز جاذبيّتها، لا ما يحوّلها إلى نموذح غريب ومنفر ومليء بالتناقضات.
– لا تكوني فريسة سهلة: يستأثر التفكير بالموضة على ذهنها، تقضي أوقاتاً طويلة في تتبّع صفحات الأزياء والأكسسوارات والمجوهرات عبر الإنترنت وفي المجلات والجرائد، يستحوذ التسوّق على معظم أموالها، يهمّها أن تسبق غيرها على شراء السلع من الماركات العالميّة المشهورة لكي تتباهى بما تملك وتقع فريسة سهلة للباعة الذين يقنعونها أنّ ما لديهم يليق بها حتى لو لم تكن مرتاحة بما ترتدي. إنّها صفات ضحيّة الموضة، فما هي الأسباب التي يمكن أن تحوّلك إلى واحدة منهن؟
– أوقات فراغ: تختار المرأة الانسياق إلى هوس الموضة بسبب وجود الكثير من أوقات الفراغ في حياتها، فهي قد لا تجد ما تشغل نفسها به في حال أنهت دراستها ولم ترغب في أن تعمل، لذلك تلهي نفسها بمتابعة مجالات الأزياء كي تتميّز أكثر وربما تظفر بزوج ثري.
من جهة ثانية، يدل هذا الهوس في بعض الحالات على ضعف الثقة بالنفس والرغبة في التميّز والظهور من خلال المظهر وليس من خلال الشخصيّة. فالمرأة التي تجد صعوبة في إبراز هويّتها الخاصة، تجمع ما تراه جميلاً من نساء أخريات في المجتمع من حولها، ويمكن أن تقلّد النجمات وتختار جزءاً من إطلالة كل واحدة منهنّ حتى توجد شخصيّتها الجماليّة الخاصة، من دون أن تدرك أنّها بذلك تميّع الحقائق وتبدو اصطناعيّة ومفتعلة.
– مضار صحيّة: بعيداً عن الأسباب والتداعيات النفسيّة للانقياد وراء الموضة، فقد أثبتت العديد من الدراسات أنّ للأمر تأثيراً على الصحّة الجسديّة.
فقد نبّهت دراسة فرنسيّة من خطورة الكعب العالي الذي تختاره 2 من أصل 3 فتيات في العالم في معظم إطلالاتهنّ من أجل الظهور أطول وأكثر رشاقة، إذ تبيّن أنّه يسبّب تشقّق عظام القدم وتصلّب عضلات الساقين، مع احتمال أن يؤدي إلى حصول تشوّهات في العمود الفقري، مشاكل في الدورة الشهريّة والقدرة على الإنجاب. وذكرت دراسة نشرتها مجلة Femme Actuelle أنّ ضغط الكعب العالي على المنطقة الأماميّة من القدم يزيد من احتمالات أن يتأذّى الحوض، ويؤثّر على العظام ولا سيما إذا زادت مدة انتعال الكعب العالي عن 5 ساعات، وفي حالات انتعاله أثناء المشي وصعود الدرج.
مخاطر الكعب العالي: في سياق مشابه، بيّنت دراسة بريطانيّة أنّ ثلث النساء في بريطانيا يعانين من أوجاع وحوادث عارضة ومشاكل مختلفة نتيجة انتعال الكعب العالي، وأنّ أكثر من ثلاثة ملايين امرأة تلقّت عناية طبيّة وعلاجاً في غرف الطوارئ بسبب إصابات ناجمة عن انتعالهنّ الكعب العالي، لا سيما الكعب الرفيع الذي يزيد ارتفاعه عن 7 سنتيمترات. ومن بين المشاكل الصحيّة التي تمّ التطرق إليها، حصول أضرار دائمة بأوتار الساق، أورام وآلام في أسفل الظهر، ظهور عرق النسا، تغيّر شكل أصابع القدمين وتضرّر الأعصاب فيها.
لا للباليرين: لذلك، يجب عدم انتعال الكعب العالي لفترة تزيد عن ثلاث مرات في الأسبوع، على ألا يزيد الارتفاع عن 7 سنتيمترات، ومن المفضّل انتعال الحذاء المريح الذي يبلغ ارتفاعه 3 سنتيمترات، أو الحذاء الرياضي المناسب للمشي والجري، بعدما أثبتت الدراسات أنّ حذاء الباليرين أو الحذاء المسطّح غير مفيد لفترات طويلة، فهو يسبب تقلّص العضلات وأوجاعاً في الكاحلين بعد نزعه من القدمين وفرد الساقين.
– لغز الحقيبة الكبيرة: تشعرين أحياناً بثقل في كتفك خلال سيرك في الشارع أو أثناء تنقّلك بين المحال التجاريّة للتسّوق، فتنقلين حقيبتك إلى الكتف الأخرى، وما يحصل أن ينتقل الألم من جهة إلى أخرى. تصلين إلى منزلك مرهقة، مع وجع في الكتفين والظهر، تحاولين إزالة بعض الأغراض من الحقيبة ولكنّك تجدين نفسك غير قادرة على ذلك، فكل ما فيها ضروري بنظرك.
– لعنة السروال الضيّق: يتربع سروال الجينز الضيق منذ أكثر من ثلاث سنوات على عرش الموضة العالميّة، وترتديه غالبيّة الفتيات اللواتي يتسابقن على اختيار الأضيق والأصغر لكي يظهرن أنحف وأكثر متابعة للموضة، لكن ما لا تعرفنه، أنّ هذا السروال يؤثّر على الأعصاب و قد يؤخّر الإنجاب أو يمنعه. وقد وجد الباحثون في مدينة أونتاريو الكندية أنّ ارتداء بنطلون الجينز الضيّق ذي الخصر المنخفض له مخاطر صحيّة عديدة، فهو يضغط على العصب القريب من عظمة الورك، ما يسبب آلاماً أسفل الظهر، وإحساساً بوخز خفيف في الأفخاذ يُعرف بالتنميل، أو تشوّش الحس في الجزء الأسفل من الجسم ما يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعصاب.
في حال البدانة أو ارتداء المشدات الضيّقة تحت البنطلون، فإنّ ذلك يزيد من التلف العصبي ويسبّب التهاب بطانة الرحم وهي حالة مؤلمة قد تسبّب العقم ونقصان الخصوبة عند السيدات.
من جهة ثانية، فإنّ ارتداء السترات والكنزات الضيّقة ولا سيما المصنّعة من النيلون تسبّب مشاكل في الجهاز الهضمي ومشاكل في التنفّس وطفحاً جلدياً وحرقة وتقرّحات.
– صورة مغايرة لمفاهيم مجتمعاتنا: الوقوع ضحايا الموضة يعني أيضاً الخروج من عباءة التقاليد والعادات العربيّة التي تميّزنا، فالمبالغة في ارتداء الثياب الجريئة والضيّقة كالتنانير القصيرة والشورتات، تتنافى مع القيم التي تصنع هويّتنا، وتعرّضنا لانتقادات اجتماعيّة، من هنا ضرورة اختيار ما يريحنا من أزياء وأكسسوارات وأحذية، ويتناسب مع تكويننا الجسدي، ومع نمط حياتنا وطريقة تفكيرنا.