لا شكّ في أنّ قطاع العافية يشكّل جزءاً لا يتجزأ من مفهوم الفخامة، حتّى أنّ المتخصّصين يتحدّثون عن مبدأ ثلاثي يجمع بين الجمال (Beauty) والعافية (Wellness) وطول العمر (Longevity). ولنتعرّف أكثر على أحدث التطوّرات في هذا المجال، تحدثنا إلى كل من Alejandro Bataller، المؤسس المشارك والشريك الإداري في عيادة SHA Wellness Clinic ود. Mariel Silva، المديرة التنفيذية للخدمات الطبية في مركز العيادة في إسبانيا.
وعيادة SHA هي مركز عافية عالي المستوى يقدّم تجربة إقامة متكاملة تقوم على تعزيز عافية الضيوف والاهتمام بصحتهم النفسية والجسدية، وذلك من خلال برامج مصمّمة خصيصاً وفقاً لاحتياجات كل ضيف.
كيف تتغيّر قيم العملاء واحتياجاتهم في قطاع العافية الفاخرة؟ وكيف تواكب العلامات التجارية هذه المتطلبات المتغيّرة؟
Alejandro Bataller: لم يعد العملاء في هذا القطاع يهتمّون بالمظاهر الخارجية، بل يبحثون عن النتائج الملموسة وطويلة الأمد. حتّى أنّ القطاع بحد ذاته تطوّر من التركيز على مكافحة الشيخوخة والاسترخاء إلى تقديم برامج شاملة لتحسين الصحة والعافية بالاعتماد على الأدلّة العلمية. وفي الواقع، من المتوقّع أن يتجاوز حجم اقتصاد الصحة وطول العمر عالميًا 2.1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، في ظل البحث المتزايد عن حلول صحية فعّالة. وبناءً على هذا التوجّه، يمكن القول إنّ الجميع بات يدرك أكثر وأكثر أنّ الصحة هي أغلى ثروة وأنّ الفخامة الحقيقة تكمن في الحفاظ على حياة صحية ونشطة من خلال الرعاية الوقائية الفعّالة بدلاً من العلاج بعد الإصابة.
ولذلك، يستهدف مركزنا كل من يبحث عن تحقيق أفضل نتائج الصحة والعافية، حيث نتابع كل ضيف من خلال برنامج خاص يجمع بين أحدث تقنيات التشخيص والتغذية المتخصّصة والاستشارات الطبية والعلاجات واستراتيجيات تحسين الأداء.
ما هي المبادئ الأساسية التي ترتكز إليها تجربة العافية الفاخرة؟
Alejandro Bataller: يمكن القول إنّ التجربة الفاخرة تعتمد على 4 مبادئ أساسية:
- التخصيص الشامل: يتجاوز مفهوم الرفاهية مجرد التخصيص البسيط، ويعني تصميم برنامج فريد لكل فرد بما يتناسب تمامًا مع خصائصه واحتياجاته.
- التكامل: تضمن تجربة الرفاهية الحقيقية تناغم جميع جوانب الصحة. ولذلك، يجب أن تركّز التجربة على مختلف المجالات، مثل الطب التجديدي، وطب إعادة التأهيل، والتغذية، وعلم النفس، والأداء البدني، والعلاجات الطبيعية، وغيرها، وذلك وفقاً لخطة شاملة ومتكاملة.
- الخبرة: يجب أن تكون برامج العافية بقيادة خبراء متخصّصين يجمعون بين الطب الحديث، والعلاجات الطبيعية، والتغذية المتخصصة، وتحسين الأداء. وهذا المستوى من المصداقية العلمية والتميّز السريري هو ما يميز تجربة الرفاهية الحقيقية.
- التغيير الدائم والمستدام: ليست الرفاهية مجرد متعة لحظية، بل هي نتائج دائمة. ولذلك، يجب أن تنتهي التجربة بخطة متابعة مستمرة تضمن استمرار الالتزام بالعادات الصحية الإيجابية، وتحسّن الحالة الصحية.
ما أحدث اتجاهات الفخامة في قطاع الصحة والعافية؟
Alejandro Bataller: يشهد قطاع العافية الفاخرة تحوّلاً سريعاً نحو نهج الوقاية الشخصي القائم على البيانات. فالمستهلكون اليوم يهتمّون بمعرفة معلومات دقيقة عن حالتهم الصحية بالاستناد إلى الأدلة العلمية بدلاً من النصائح العامة. وقد أصبحت أدوات التشخيص المتقدّمة، بدءاً من تحليل المؤشرات الحيوية واختبارات الجينوم وصولاً إلى تقييمات ميكروبيوم الأمعاء، ضرورية لتطوير استراتيجيات مخصّصة لتعزيز الصحة والعمر المديد. ومن الاتجاهات البارزة أيضاً مفهوم منتجعات العافية، حيث يرغب الضيوف في التواجد في بيئة داعمة تعزّزهم صحتهم يومياً.
ماذا يعني “طول العمر” أو Longevity، ولماذا يُعتبر اتجاهاً ناشئاً وأساسياً في قطاع العافية اليوم؟
د. Mariel Silva: لا يقتصر مفهوم طول العمر على مجرّد إضافة سنوات إلى الحياة، بل يتجاوزها ليشمل تعزيز جودة الحياة على مدار جميع مراحلها، مع الحفاظ على النشاط والحيوية والقدرة الذهنية والتوازن البدني. ويعني هذا أيضاً التمتّع بصحة جيدة وخالية من الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الطاقة اللازمة للعيش حياةً مثمرة. وفي عصرنا الحالي، تُعدّ الصحة هي الأهم، وبخلاف الممتلكات المادية، لا يمكن شراء الصحة والحيوية. ولذلك، باتت إمكانية الوصول إلى برامج متطوّرة لتأخير الشيخوخة، والتشخيصات العلمية، والخبرات العالمية المتميزة مؤشراً بارزاً على الرؤية الثاقبة والتميّز. وبالتالي، يُعتبر مفهوم طول العمر اليوم رمزاً للرفاهية الحقيقية، حيث يُعدّ الاستثمار في الصحة والعقل من أهم الاستثمارات التي يمكن للمرء القيام بها.
ما الذي يُميّز مفهوم طول العمر عن غيره من اتجاهات الصحة والعافية؟
د. Mariel Silva: يتميّز مفهوم طول العمر الصحي عن غيره من اتجاهات الصحة والعافية بفضل نهجه العلمي والوقائي على المدى الطويل. فالهدف ليس مجرد تحسين الشعور بالراحة لفترة قصيرة، بل وضع خطة عملية وقابلة للقياس لتحسين الصحة على مدى عقود، وذلك لضمان استمرار الطاقة والحيوية والقدرة على التحمل.
كيف تُصمّم برامج طول العمر؟
د. Mariel Silva: تستند برامج طول العمر على مبدأين أساسيين: تخصيص البرنامج لكل فرد، والتركيز على الركائز الأساسية. يبدأ البرنامج بتقييم شامل للتاريخ الطبي ونمط حياة الفرد، مدعوماً بفحوصات تشخيصية متطورة مثل تحليل الدم، والاختبارات الوراثية، وتحليل المؤشرات الحيوية. وتشكل هذه المعلومات أساسًا لخطة شاملة ومتكاملة.
في مركز SHA، تستند برامج طول العمر على أربعة ركائز:
- الأداء البدني: برنامج تدريب مخصّص لتعزيز القدرة على التحمل والتعافي.
- صحة الجهاز الهضمي: ضرورية للطاقة والتركيز الذهني، حيث ينتج الجهاز الهضمي ما يصل إلى 95% من السيروتونين في الجسم.
- تحسين جودة النوم: أمر لا غنى عنه للأداء الذهني والصحة العامة، فالحرمان من النوم لمدة 17-19 ساعة قد يؤثر سلباً على القدرة على اتخاذ القرارات وسرعة الاستجابة.
- الوقاية بناءً على المؤشرات الحيوية: مراقبة مستمرة للمؤشرات الصحية الرئيسية للكشف عن المخاطر مبكراً والتعامل معها قبل تطورها إلى أمراض خطيرة.
كيف يمكن تعزيز طول العمر في روتين الحياة اليومية؟
د. Mariel Silva: يمكن تعزيز طول العمر من خلال تغييرات بسيطة ومتواصلة في نمط الحياة.
يُعدّ إعطاء الأولوية للنوم أمرًا أساسيًا، فالسعي للحصول على 7-9 ساعات كل ليلة يدعم الوظائف الإدراكية والتوازن العاطفي والصحة على المدى الطويل.
ولا تقلّ أهمية التغذية الشاملة وصحة الأمعاء. فتناول الأطعمة الكاملة المضادة للالتهابات يساعد على تقليل خطر الإصابة بالأمراض، مع دعم الميكروبيوم – وهو عامل رئيسي للطاقة وصفاء الذهن والمرونة المناعية.
وأخيرًا، يُعدّ النشاط البدني المنتظم – سواءً كان المشي أو تمارين القوة أو غيرها من أشكال التمارين – أمراً حيوياً لصحة القلب والأوعية الدموية وإدارة التوتر.
وباتباع هذه العادات المستدامة، يمكن لأي شخص بناء أساس متين لحياة أطول وأكثر صحة وفعالية.
اقرئي أيضاً: الفخامة في عالم الجمال: معادلة جديدة ومفاهيم غير تقليدية
















