نتّفق جميعنا على أنّ المستهلكين في عالم الجمال اليوم يختلفون عن العملاء في المراحل الزمنية السابقة. فبطبيعة الحال، مع تغيّر نمط الحياة، تتغيّر أيضاً الاحتياجات والمتطلبات. وفي الروتين الجمالي تحديداً، لاحظنا في السنوات الأخيرة التركيز الكبير على الأجهزة التقنية المنزلية التي يمكن أن نستخدمها في روتين الجمال. فهل تستحقّ فعلاً هذا الاهتمام الملحوظ؟
ما المقصود بعبارة Beauty Tech؟
عبارة Beauty Tech، التي نسمعها كثيراً في الآونة الأخيرة، تعني نقطة تلاقي منتجات الجمال بأحدث التقنيات لإحداث تغييرات ثورية في الروتين الجمالي. ولا نتحدث هنا فقط عن الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزّز التي حقّقت العديد من التحوّلات، مثل حلول العناية بالبشرة المصمّمة خصيصاً لكل فرد أو تجارب تطبيق المكياج الافتراضية أو التوصيات الجمالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بل أيضاً عن الأجهزة التقنية التي أصبح بإمكاننا استخدامها في المنزل بأنفسنا.

متى بدأ التحوّل؟
لا عجب في أنّنا ما زلنا نتحدّث حتّى اليوم عن حقبتين مختلفتين من حياتنا: ما قبل كورونا وما بعد كورونا. وحتّ لو اعتقدنا أنّه مرّ سنوات على الجائحة، غير أنّ الحديث عنها لا يمكن أن يتوقّف، لأنّ تأثيرها غيّر الكثير من التوجّهات، سواء على مستوى الأفراد أو الأعمال أي العلامات التجارية. ففي الفترة التي كان الخروج فيها ممنوعًا والتي فُرضت فيها القيود على التجارب الفعلية والملموسة، أصبح العالم الافتراضي هو الملجأ أو المسار الوحيد لكل ما نقوم به.
ولذلك، ما كان أمام العلامات التجارية سوى خيار التكيّف مع التغيير الحاصل وإيجاد حلول تسمح لها بالحفاظ على زخم أعمالها ومبيعاتها وعلى قاعدة عملائها. وبالتالي، رأينا المزيد من مواقع التجارة الإلكترونية والتجارب الافتراضية الملفتة والتطبيقات المسهّلة للحياة. ومن هنا، أُطلق العنان للكثير من الابتكارات التي تضمن للعملاء الحصول على تجارب مماثلة، إنّما في منازلهم.
وأبرز هذه التجارب، الأجهزة التقنية التي تمكّن من حصول على نتائج العيادات والعلاجات التجميلية وسط راحة المنزل.
نمو غير مسبوق
صحيح أنّ سوق الأجهزة الجمالية التقنية المستخدمة في المنزل استحوذ على اهتمام خاص خلال الجائحة، غير أنّ نموه استمرّ منذ ذلك الحين. وبحسب التقديرات، من المتوقّع أن تنمو قيمته عالمياً من 17 مليار دولار أمريكي في عام 2023 إلى حوالي 92 مليار دولار بحلول عام 2030. وهذا النمو البالغ حوالي 27% سنوياً يشير إلى موجة واسعة من الابتكار وأيضاً إلى الاهتمام المتزايد من جانب المستهلكين والتوجّه الواضح إلى التقنيات المتقدّمة.
خيارات متنوّعة وكثيرة
وهذه الابتكارات التي نتحدّث عنها تطرح خيارات متنوّعة تسمح للعملاء باختيار ما يناسب الروتين الذي يتّبعونه. ومن أبرز الفئات التي نجدها، نذكر لك على سبيل المثال أقنعة الليد، وأجهزة الليزر لإزالة الشعر أو أجهزة الليزر لتحسين صحة البشرة، والأجهزة السيليكونية لغسل الوجه، وأجهزة شد البشرة، وغيرها…
فعالية الأجهزة التقنية في المنزل… ماذا تقول الدراسات؟
مع تزايد الأجهزة التقنية وارتفاع اهتمام الجميع بها، يمكن أن نطرح سؤالاً أساسياً: “ماذا عن فعاليتها؟ هل تستحقّ فعلاً تجربتها والاستثمار فيها؟”.
في البداية، قوبلت هذه الأجهزة بالشكوك، لكن تغيّر الوضع مع تزايد التقييمات العلمية. فمن خلال التجارب المتتالية، تبيّن أنّها تحقّق نتائج متواضعة إلى ملحوظة عند الالتزام باستخدامها بشكل منتظم. ففي دراسة أجريت عام 2024، تبيّن أنّ الأجهزة العاملة بالترددات الراديوية والتيار الدقيق يمكن أن تحسّن مظهر علامات الشيخوخة – أي أنّها تخفف مظهر التجاعيد والخطوط الرفيعة وتحسّن مرونة البشرة. كذلك، أظهرت الاختبارات على العلاجات أو الأقنعة بالضوء الأحمر والأزرق فعالية في التخفيف من حب الشباب حين تكون مشكلة البثور خفيفة إلى متوسّطة.
وبالطبع، تدعو الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث والاختبارات الشاملة للتحقّق من الفعالية على المدى الطويل. لكن، بشكل عام، يمكن القول إنّ هذه الأجهزة التقنية مفيدة للبشرة ولعلاج مشكلاتها إلى حد ما، وذلك عند اللجوء إليها إلى جانب العلاجات التقليدية – أي الكريمات والمنتجات ضمن الروتين الجمالي – وعند استخدامها بطريقة مناسبة وصحيحة. ولا بدّ أن تعرفي أنّ نتائجها، في جميع الحالات، تدريجية ولا تشكّل حلول سريعة وسحرية.
علامات تجارية استثمرت في هذا المجال
Foreo

Foreo هي من أشهر العلامات التجارية التي تطبق أجهزة تقنية تُستخدم في الروتين الجمالي. تأسّست في السويد عام 2013، وأحدث ثورة في قطاع الجمال. اشتهرت بشكل خاص بالجهاز السيليكوني المستخدم لتنظيف الوجه بعمق، ثم تابعت تطوّرها وتقدّمها لتقدّم المزيد من الابتكارات، مثل جهاز شد البشرة وفرشاة الأسنان وجهاز تدليك فروة الرأس، مع إمكانية ربطها بتطبيق إلكتروني على الجوال.
Lyma

تقدّم علامة Lyma أجهزة ليزر مخصّصة للاستخدام في المنزل، وهي أجهزة تعمل بشعاع الليزر البارد والأشعة تحت الحمراء بهدف التخفيف من مظهر التجاعيد، وتعزيز مرونة البشرة، وتحفيز إنتاج الكولاجين، ومنح البشرة مظهراً مشدوداً، والمساعدة في التخفيف من البقع والتصبغات، وتجديد البشرة مع الحد من الترهّل. وتستخدم هذه الجهاز نجمات كثيرات، وأبرزهنّ Bobbi Brown.
Medicube

هل سبق وسمعت بجهاز Age-R Booster-H من Medicube؟ عليك بالفعل أن تتعرّفي عليه إن كنت من محبات الجمال الكوري والمنتجات الكورية التي تعد ببشرة لامعة وصحية ومشرقة تماماً كما الكوريات. وهذا الجهاز تحديداً يستخدم تقنية الترحيل الكهربائي (Electroporation)، حيث ينشئ قنوات دقيقة مؤقتة في الجلد لتعزيز امتصاص المنتجات بنسبة تصل إلى 490%. لاقى هذا الجهاز شهرة كبيرة على تيك توك، حتّى أنّ النجمة الشابة Hailey Bieber استخدمه بنفسها وأشادت به. وتشمل أبرز ميزاته تحسين مرونة البشرة، وتقليل التجاعيد، وتعزيز النضارة بشكل عام. ويذكر المستخدون تحسناً فورياً في ملمس البشرة، غير أنّ النتائج الفعلية تبدو أفضل على المدى الطويل.
L’Oréal

تُعدّ L’Oréal من أبرز العلامات التي استثمرت في مجال الأجهزة التقنية المخصّصة للاستخدام المنزلي. ومن الابتكارات المميّزة التي توصّلت إليها، جهاز Colorsonic عام 2024، وهو عبارة عن جهاز خاص لصبغ الشعر في المنزل مع الحصول على نتائج تماماً كما في الصالونات، إلى جانب جهاز AirLight Pro وهو مجفّف شعر احترافي بتقنية الأشعة تحت الحمراء للعناية بالشعر وتقليل استهلاك الطاقة.
الآفاق المستقبلية
يبدو أنّ مستقبل الأجهزة التقنية الجمالية واعد، وسنشهد طبعاً على المزيد من التقنيات والابتكارات. فهذا الجيل الجديد يبحث باستمرار عن التجدّد وعمّا يمكن أن يسهّل الحياة تماشياً مع الوتيرة السريعة التي نعيشها. وسيكون عام 2026 القادم عام تثقيف العملاء لأخذ خيارات ذكية، ومن بينها اختيار أجهزة تقنية ترتقي بالروتين الجمالي اليومي في المنزل.
اقرئي أيضاً: الفخامة في عالم الجمال: معادلة جديدة ومفاهيم غير تقليدية
















