الشيخة هند بنت ماجـد القاسمي: تراثنا إحدى نقاط قوّتنا كإماراتيّين

هي سيّدة إماراتيّة ملهمة تمتلك حسّاً فنيّاً راقياً خوّلها أن تتحوّل خلال فترة قصيرة إلى اسم له وقعه الخاص على الساحة الإماراتيّة. إنّها الشيخة هند بنت ماجد القاسمي التي تشغل حاليّاً منصب رئيس مجلس سيّدات أعمال الشارقة بالوكالة الذي يعمل تحت مظلّة مؤسّسة «نماء» للارتقاء بالمرأة، والتي أسّست علامتها التجاريّة الخاصة «من تصميم هند» لابتكار الأواني الفخاريّة فسلّطت من خلالها الضوء على التراث الإماراتي.

التقيناها بمناسبة اليوم الوطني الإماراتي وأجرينا معها حواراً هدفنا من خلاله إلى تسليط الضوء على شخصيّتها وعملها، فهي مصمّمة من الطراز الرفيع تتمتّع بحسّ إبداعي مميّز وفطري، إذ درست الفنون الجميلة في جامعة الشارقة، كما

اقرئي: الوقت الذي تقضيه النساء لانتقاء ملابس العمل سيصدمك!

أنّها رائدة أعمال ناجحة، وتمتلك حاليّاً علامة تجاريّة خاصة تحمل اسم «من تصميم هند» لإنتاج وتصميم مجموعات من الأواني الفخاريّة.

اقرئي: هدايا مميّزة لموسم الاحتفالات

ما الذي جذبك إلى الفنّ التشكيلي؟

منذ الصغر كان لديّ اهتمام كبير بالرسم والفنون الفخاريّة، فقد كنت ولا أزال شغوفة جدّاً بجمع الأواني وأطباق البورسلان، ولم أكن أتصوّر أن يتحوّل هذا الشغف إلى مشروع فنّي متكامل وناجح، إلّا أنّني شعرت بتنامي هذا الاهتمام

وازدياد تعلّقي بفن الرسم والتشكيل فقرّرت تطوير هذه الحالة.

في البداية، أنجزت تصاميم خاصة لي ولأفراد عائلتي وأصدقائي، وقد نالت هذه الابتكارات إعجاب من حولي، فأعربوا عن رغبتهم في اقتناء تصاميمي، وهكذا بدأ شغفي يتحوّل من هواية إلى مجال عمل ومشروع متكامل، وبعدها أطلقت أوّل مجموعة لي في العام 2011 تحت اسم «تومينة»، وذلك قبل تأسيس علامتي التجاريّة الخاصة «من تصميم هند» لإنتاج الأواني الفخاريّة وتصميمها.

هل تذكرين أوّل عمل رأيته ونال إعجابك فدفعك إلى دخول مجال التصميم؟

كما قلت آنفاً، التصميم والرسم هما هوايتي وأعتبرهما رئتي الثالثة التي أتنفّس بها، أمّا في ما يتعلّق بأوّل عمل رأيته قبل أن أحترف التصميم ودفعي إلى دخول هذا المجال، فكان قطعة من الكريستال عرضتها «دوم»، وقد صادفتها خلال رحلة إلى أوروبا، إذ جعلني هذا العمل المميّز أتمعّن في كل قطعة فنّ إبداعي وأغوص في مفاهيمها والدلالات التي ترمز إليها.

هل واجه إطلاق مشروعك الخاص «من تصميم هند» أيّ عراقيل؟

بلا شكّ، فما من عمل بلا تحدّيات وصعوبات، إلّا أنّ عددها يتفاوت من شخص إلى آخر، وفي مجال ريادة الأعمال تحديداً تقلّ العقبات وتزداد بحسب البيئة الحاضنة للأعمال، فإذا كانت البيئة مشجّعة ومحفّزة على الإبداع وداعمة للأفكار الجديدة والمبتكرة، ينعكس ذلك إيجاباً على فرص النجاح ويقلّل من المخاطر والتحدّيات.

من جهتي، واجهت بعض العقبات في بداية مشواري في عالم ريادة الأعمال، ولكن مع الفرص الكبيرة التي توفّرها إمارة الشارقة في هذا المجال، تحت رعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، رئيسة مؤسّسة «نماء» للارتقاء بالمرأة، لم أحتج إلى وقت طويل لتجاوز هذه التحدّيات والوصول إلى ما أصبو إليه.

لماذا فكّرت في تسليط الضوء على التراث الإماراتي من خلال أعمالك؟

أرى في تراثنا إحدى أهمّ نقاط القوّة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، كما أعتقد أنّ فرص انتشاره وتوسّعه كبيرة جدّاً وذلك نظراً للقيم الجماليّة والإبداعيّة التي ينفرد بها، ولذا حرصت على تجسيد جانب منه من خلال التصاميم التقليديّة للمصوغات التراثيّة التي تتحلَّى بها المرأة في الإمارات، وقد مزجت بين تلك التصاميم ولمسات فنيّة مبتكرة وراقية، فضلاً عن التصميم والزخرفة على الأواني المنزليّة المصنوعة من البورسلان.

المزيد: امزجي ألواناً جديدة في ديكور منزلك وأذهلي زوّارك

من أين تستمدّين الوحي لابتكار التصاميم؟

أعتمد على مصدرين، الأوّل هو التاريخ والتراث ويتجلّى ذلك في تأملّي في التحف والأطباق التقليديّة التي استخدمت في الماضي لتقديم المأكولات الشعبيّة والتي لم تعد تُستخدم مثل أطباق التمور وغيرها، فتأمّلي بهذه الأشياء البسيطة يساعدني في ابتكار العديد من الأفكار والتصاميم الإبداعيّة.

المصدر الثاني هو البيئة المحيطة بي إذ ولدت الكثير من الأفكار والتصاميم التي قمت بها من رحم الأحداث التي تدور حولي، إلّا أنّني أحرص على أن تتمتّع هذه الأشياء بالتميّز والندرة، كما أسعى إلى تقديم كل ما هو جديد ومبتكر، من خلال دمج أفكار وأشكال متنوّعة مع بعضها.

ما هي المواد التي تميلين إلى استخدامها أكثر من غيرها في أعمالك؟

أنا أعتمد بشكل رئيس على البورسلان والزخارف والزجاج، إلى جانب ماء الذهب والفضّة في الرسم على الأواني، كما أحرص أيضاً في كل مرّة على استخدام العناصر الجديدة التي لم تُستخدم من قبل في مجال تصميم الأواني وزخرفتها.

حدّثينا عن مزهريّات «از – دهر»، وكيف رسمت من خلالها معالم الشرق الأوسط.

سعيت من خلال تصميمي لمزهريّات «از – دهر» إلى تجسيد ثلاث حقبات تاريخيّة هامة استطاعت أن تحدّد بقوّة ملامح الشرق الأوسط وهي ما قبل النفط، خلاله وما بعده، وقد عكست الأعمال سمات كل حقبة زمنيّة وتأثيرها على الأخرى من خلال انسيابيّة التصميم وصفاته الانتقاليّة، إذ تنعكس كل حقبة في الملمس المميّز لكل مزهريّة.

وترمز المزهريّة المصمّمة من الفخّار المرجاني الخام والترابي إلى فترة ما قبل اكتشاف النفط، بينما تجسّد تلك المزيّنة بالورق الذهبي فترة اكتشاف النفط التي ترافقت مع الازدهار والثروة في البلاد، أمّا حقبة ما بعد النفط فتعكسها المزهريّة المصمّمة بالمعدن اللامع التي تجسّد التكنولوجيا والاستدامة، وهكذا تحمل كل قطعة في طيّاتها رواية تحكيها.

كيف ترين مشاركتك في معرض «ما بعد الحرف»؟

أودّ أن أشكر السيّد سامر اليماني الذي ساهم في تواجدي في هذا الحدث الذي أقامته شركةBD Barcelona Design في شهر أكتوبر الماضي في العاصمة البريطانيّة لندن، ويعدّ «ما بعد الحرف» منصّة رائعة لعرض إبداعات الفنانين والمصمّمين، فقد جمعني هذا الحدث بعدد من المواهب الشابّة في مجلس التعاون الخليجي، ومن أبرز ثمار مشاركتي في هذا المعرض تعاوني مع مجموعة «ما بعد الحرف» من شركةBD Barcelona Design وطرح مزهريّات «از – دهر» من خلال متجر The Odd piece خلال أسبوع دبي للتصميم الذي أقيم مؤخّراً في دبي.

اقرئي أيضاً: MEDY NAVANI: أنماط التصاميم العربيّة أثّرت في أسلوبي

هل ترين أنّ الجيل الإماراتي الجديد يهتمّ بالحرف وبالتراث؟

بالطبع يهتمّ الشباب بالحرف التراثيّة، كما تُعنى العديد من المؤسّسات والمبادرات بدعم الحرف التقليديّة والتراثيّة والعاملين فيها، فعلى سبيل المثال لدينا في إمارة الشارقة مجلس إرثي للحرف التقليديّة المعاصرة، وهو يهدف إلى دعم المواهب الإماراتيّة في مجال الحرف التقليديّة.

هل من الممكن أن تقدّمي مستقبلاً أنماطاً أكثر حداثة؟

أسعى دائماً إلى تقديم الأفضل والأكثر ابتكاراً، لا سيّما أنّ الشريحة التي أستهدفها من خلال أعمالي تُعتبر شريحة ذات حسّ فنّي مرهف وذوّاق، فأنا أحرص على الدوام على أن أكون سبّاقة في ابتكار سمات فنيّة أكثر حيويّة وأطمح إلى تصميم أعمال تتجاوز النمطيّة وتتخطّى التقليدي لتذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في مضمار الفنّ.

ما هي مشاريعك المستقبليّة؟

أسعى خلال الفترة المقبلة إلى عقد مزيد من الشراكات الخارجيّة التي ستفتح لي المجال واسعاً للتعريف بالتراث الإماراتي.

 
شارك