أمينة زاهر: صُوري في الموضة تعكس الروح والحركة والحياة

تُعد أمينة زاهر من الأسماء العربية التي حققت نجاحاً عالمياً في مجال تصوير الموضة، لتؤكد هذه الشابة المليئة بالحيوية والطموح أنّ الموهبة الكبيرة المصحوبة بالرغبة في التطور والتعلم، كفيلان بالوصول بصاحبتهما إلى أعلى المصافي. في صور أمينة تأثير كبير وجمال وانسيابية لا تشبه غيرها، فكيف أسست لنفسها هذه البصمة والأسلوب المميز في مجال التصوير؟

كيف بدأت علاقتكِ بالكاميرا ولماذا اخترتِ أن يصير التصوير محور حياتكِ؟

التصوير كان هواية أمارسها في أوقات فراغي، حين أتواجد مع رفاقي فأصورهم وتعجبهم النتيجة أو أصور مناظر تلفتني، ولكنني لم أفكر أبداً أن يتحول إلى مجالي الثابت والدائم. فقد كنت موظفة في شركة مرموقة، وكنت مرتاحة في عملي، وحين رأيت إعلاناً عن دورة تصوير من New York Film Academy في الولايات المتحدة قررت أن أتبع شعوري وألتحق بها، وقد كانت الأمور ميسّرة جداً فسافرت وتفوقت وعرفت أموراً كثيراً عن هذا المجال الواسع، وحين عدت كنت متأكدة أنني أريد الاستمرار فيه فقدّمت استقالتي وبدأت التصوير.

هل اتّجاهكِ لتصوير الموضة سببه حبكِ لها ولأجدد صيحاتها في مراهقتكِ وشبابكِ أم جاء بالصدفة؟

لطالما كنت محبة للموضة والأزياء والتصاميم وقد ورثت هذا الأمر عن والدتي، ولكنني حين بدأت بتعلم تقنيات التصوير انجذبت إلى أكثر من مجال: منها تصوير الشارع والوثائقيات والموضة، ولكن حين عدت إلى مصر وبدأت بالعمل، صرت ألاحظ أنني لا أكون في قمة سعادتي وحماسي إلا في الجلسات التي أركز فيها على الأزياء والإطلالات.

بمن تأثرتِ لكي يكون لديكِ أسلوبكِ الخاص الذي ميزكِ ويميزكِ عن مصورين محليين وحتى عالميين في هذا المجال؟

كان حظي جميلاً لأنني عملت مع أسماء كبيرة ومهمة جداً وملهمة بالنسبة لي، ومنها كارولاين جايكوبز، فأنا أعشق أسلوبها وصورها، وقد تعلمت منها الكثير وأثرت ذوقي الفني وحسي العالي باللقطة التي أرغب بإبرازها، كما أحب ريتشارد أفدون، فهو من أكثر المصورين الذين جعلوني أحب تصوير البورتريه والأزياء. ولكن أنا لا أحدّ نفسي في أسلوب واحد، بل أحب الصورة التي تعكس روحاً وحركة وحياة، تلك التي ألتقطها بالصدفة، فيبدو كأنّها تتكلم وتروي قصة جديدة.

نحن نرى عارضة جميلة وملابس مميزة وموقع رائع، فنعتقد أنّ عمل المصور سيكون سلساً وسهلاً، ولكن هل يوجد صعوبات لا يعرفها الجمهور العريض عن تصوير الموضة والأزياء؟

أحب عملي وأستمتع بأدائه ولكن أحياناً قد يظن البعض أنّ وجود شابة جميلة وموقع مناسب سيؤدي بالضرورة إلى خروج صورة جميلة ومؤثرة، وهذا الأمر غير صحيح أبداً، فالتقاط الصورة الأمثل يحتاج إلى تركيز كبير واتّخاذ القرار الصحيح في لحظة معينة. يجب اختيار الفتاة التي ستليق في هذا الموقع بالتحديد، ومعرفة إن كانت ستكون مرتاحة لكي تعطي ما هو مطلوب منها فتعكس روح الفكرة التي نريد إبرازها وتتفاعل بشكل إيجابي معي.

هل يحصل أحياناً أن تعجبكِ صورة ولا تعحب الزبون الذي تعاقد معكِ على جلسة التصوير وكيف تتعاملّين في هذه الحالة؟

أحاول شرح وجهة نظري ورؤيتي قبل جلسة التصوير لكي نكون على نفس الموجة أنا والزبون، فهو حين يقصدني يعرف أنّه لديّ هوية محددة وهي ما يميزني وبالتالي عليه أن يثق برؤيتي ويعطيني حرية التصرف، وبهذه الطريقة أعمل وأقدّم نتيجة ترضينا معاً. وفي حال حصل العكس ولم نتّفق على بعض الصور فأنا ألتزم بخياره لأنّ الصورة في النهاية تمثل منتجه ويجب أن ترضي تفضيلاته، ولكنني لا أضع عملي معه في سيرتي الذاتية.

إلى أي مدى تعكس صوركِ اهتمامكِ بكل التفاصيل لكي تكون نتيجة الجلسات آسرة لعين الناظر؟

كل تفصيل مهما بدا بسيطاً مهم جداً في عملي ولا سيما في تصوير الموضة، فأحياناً تكون العارضة جميلة جداً ولكن لون عينيها لا يلائم الجو العام والخلفية، بالتالي ستبدو الصور نافرة، لذا أنتبه إلى أصغر التفاصيل قبل البدء وأخطط في ذهني لكل شيء. وهنا ألفت إلى أهمية أن يكون ما أصوره مناسباً لذوقي فأنا حين ألتقط صورة لفستان يعجبني ستبدو مختلفة كثيراً وأجمل وأكثر تأثيراً لأنّها لامستني، كما أنّ القماش واللون والموديل يلهمونني، فتصل الصورة لمن يراها بشكل أجمل وتؤثر فيه كما أثرت فيّ. مصوّر الموضة برأيي مسؤول عن إبراز أجمل ما في هذا الزي وعكس فكرته ورؤية الدار التي تقدّمه، وبهذه الطريقة فقط ينجح في عمله.

مع ازدياد أعداد الصور المميزة بسبب سهولة الحصول على الهواتف ذات الكاميرات المتطورة، هل ترين أنّ هناك ظلم لدور وتواجد المصورين المحترفين؟

على العكس، أعتقد أنّ المنافسة جميلة جداً وتزيد من رغبة كل مصور في التميّز وبناء بصمته القوية، فالساحة اليوم تزداد اتساعاً في الدول العربية، ولا سيما في مجال الموضة والجمال، ورؤية أفكار جديدة لهوَ أمر جميل جداً وواعد بمستقبل أفضل.

كيف تحصلين على الإلهام والأفكار للجلسات الجديدة؟

مصادر الإلهام واسعة ومختلفة، أحياناً أستمدّها من الطبيعة حولي، أو من منظر أعجبني، فمرة استمديت الوحي من الإضاءة حول الأهرامات، وأخرى من جلسة تصوير لكارولاين جايكوبز، ويمكن أن تعجبني صور أراها عبر وسائل التواصل فتكون بذرة لفكرة جديدة أعمل على تنفيذها وتحويلها إلى واقع، وبالتالي كل ما حولي يلهمني بحيث لا تنضب أفكاري أبداً.

ما هي الجلسة التي أثّرت بكِ أكثر من غيرها؟

بصراحة، جلسة تصوير رامي مالك من أكثر الجلسات التي تركت أثراً إيجابياً لديّ، فهو شخص متواضع جداً وموهوب بشكل مخيف ومندفع لتقديم المزيد ولديه طاقة جميلة، وهذا الأمر ينعكس على كل من حوله. كان إمضاء الوقت معه أمراً لا يُنسى. وبشكل عام، هناك أشخاص طاقتهم ترفعكِ وتحفزّكِ وتدفعكِ لتقديم الأفضل والأجمل، وهناك في المقابل آخرون يمكن أن يعكسوا طاقة سلبية على المكان فيتأثّر بهم المصوّر والجلسة ككل، لأنّ عملنا حسّاس جداً فالصورة صادقة وحقيقية جداً وهي تلتقط المشاعر والذبذبات والروح.

هل ترين أن المصوّر يجب أن يراعي معايير مجتمعه أم يجب أن يكون على حريته لكي يصل فنّه من غير قيود إلى الجمهور؟

بالنسبة لي، لا أعتبر نفسي ثائرة على معايير مجتمعي، بل أحترمها كثيراً وألتزم بها، ولكنني أحب إظهار الجمال في المرأة وتقاسيمها ومظهرها، وهذا أمر طبيعي ومطلوب، ففي النهاية أنا أصوّر فساتين وأزياء وهدفي الأول أن تكون لافتة وجذابة. برأيي العنف أو الجرأة يمكن أن تأخذ أشكالاً مختلفة في التصوير، وأنا لا أفضلها بل أحب أن تكون صوري فنية وراقية وقريبة من العين والقلب.

ما هي مشاريعكِ المقبلة؟

يوجد مشروعان جديدان أنا متحمسة لهما كثيراً، أحدهما كان حلماً تحقق بالنسبة لي، فقد صورت في باريس لصالح دار ديور وهذا أمر أسعدني حقاً، كما أنني صورت لاعب كرة قدم معروف جداً وأرغب بشدة أن تلاقي صوره أصداء مميزة لدى الجهور.

اقرئي المزيد: رواد أعمال سعوديين حققوا نجاحات استثنائية

 
شارك