Freedom of self-expression هذا هو مستقبل الموضة

أسلوبكِ الشخصي هو انعكاس حقيقي لشخصيتكِ، فهو يُظهر للعالم الخارجي من أنتِ في لمحة واحدة من خلال التواصل غير اللفظي، إنّه فعلاً شيء يستحق التطبيق. ويحتاج الإنسان إلى سنوات ليكتشف أسلوبه الشخصي الذي يصبح في الأخير واحد من أهم وسائل التعبير عن الذات، فهو يحرر الإنسان ويمنحه إحساساً بالحرية كما خيار إظهار الذات الداخلية إلى العالم الخارجي وفقاً لشروطه ورغباته الشخصية. وبالفعل، تُعد ملابسكِ أوّل ما يُظهر من أنتِ لمن حولكِ، كمرآة تعكس شخصيتكِ الداخلية بأسلوبكِ الخاص.

وعلى مر السنين، شهد عالم الموضة تغييرات هائلة، بحيث غيّر المستهلكون والعلامات التجارية بالتساوي نظرتهم لمعايير الموضة المتّبعة فأصبحت أبسط وأقل تعقيداً. وحصل تحول هائل في عادات المستهلكين الشرائية والذي رافقه في المقابل تحولات طبقّتها العلامات التجارية لمواكبة احتياجات المستهلكين ورغباتهم المتغيرة. فكان المستهلكون في مرحلة من المراحل مدفوعين بشكل كبير بالصيحات، ولكن مع ظهور الجيل الجديد، لا سيما الجيل زد، تغيّر الوضع، بحيث بات المستهلك والعلامة التجارية يحددان معاً الصيحات والمنتجات المرغوبة.

"بالنسبة لي، الملابس هي شكل من أشكال التعبير عن الذات – هناك تلميحات حول من أنتِ في ما ترتدينه". - Marc Jacobs

Fendi SS24

Louis Vuitton SS24

ولا طالما كانت الموضة عنصراً يتغيّر باستمرار مع الوقت، وهي لا تقتصر على الملابس فحسب، بل يرافقها أيضاً أسلوب حياة، بيئة جماعيّة، مجتمع. واليوم، تطور التكنولوجيا الملحوظ زاد من تقدير الناس وحاجتهم وسعيهم للشعور بالحريّة وللتعبير عن ذاتهم ومعتقداتهم. وفي عالم الموضة تحديداً، لعبت عصور كثيرة دور في تحديد أبرز الصيحات والأساليب، فمثلاً في الخمسينيات في فترة ما بعد الحرب، شهدت الأزياء الراقية انتشاراً واسعاً، وفي الثمانينيات، انتشرت الملابس ذات القصّات الكبيرة الحجم كوسيلة للتعبير عن القوة والسلطة بالإضافة إلى سراويل الـleggings و الـleotards التي ظهرت مع الارتفاع المفاجئ للأنشطة الترفيهية. أمّا العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فشهد تحولاً ملحوظاً مع بداية ظهور التكنولوجيا والعصر الرقمي، بينما في 2023، بات الأمر متعلّقاً بالقيم والرغبات الشخصية بحيث شهد الأسلوب البسيط والمينيمالي البعيد عن الأساليب الكلاسيكية والتقليدية انتشاراً ملحوظاً. فاليوم، يسعى الأفراد إلى الشفافية، إلى الرغبة في الجودة الخالدة والتي لا تمس بالبيئة والقيم الأخلاقية، إلى الفردية وحرية التعبير عن الذات التي تنعكس في تفضيلات العلامة التجارية واستثمارات في الملابس مدروسة.

"يجب أن تكون الموضة شكلاً من أشكال الهروب وليس شكلاً من أشكال السجن». - Alexander McQueen

Dior SS24

Maison Margiela SS24

ولطالما كانت العلامات التجارية الفاخرة التي تلعب دوراً بارزاً في صناعة الموضة مصدراً رئيسياً للإلهام. وفي حين أنّه كان يُنظر إليها على أنّها مخصصة لمجتمع الطبقة العليا، إلّا أنّ الوضع قد تغيّر اليوم مع الجيل الجديد. فالعلامات التجارية الفاخرة مازالت وفيّة لتراثها وجوهرها، ولكنها غيّرت تركيزها من تقديم تصاميم كلاسيكية وتقليدية إلى تقديم خيارات عصرية مريحة وبسيطة ومتعددة الاستخدامات ومينيمالية تلبّي الأجيال الصاعدة والناشئة مثل جيل زد الذي يمكننا وصفه على أنّه جيل العصر الرقمي الذي يقضي معظم حياته اليومية أمام الشاشة. لقد تغيرت القواعد كما الروابط بالماضي الصارمة، وأصبحنا نمزج وننسّق أساليب مختلفة معاً كمثلاً تنورة أو فستان رسمي جميل مع كنزة كاجوال، وأصبح الدنيم والأحذية الرياضية منتجات راقية وفي بعض الأحيان أزياء كوتور، وأصبحت الأحذية المسطّحة تخلق توازن خالي من العيوب إذا تمّ تنسيقها مع بدلة رسمية، ولم يعد الترتر مناسب للإطلالات الليلية فحسب وأصبحت حقيبة الكلاتش تتماشى تماماً مع الملابس غير الرسمية في الإطلالات النهارية. فيقتصر مستقبل الموضة على اعتماد الأفراد صيحاتهم وأساليبهم الخاصة، والقواعد التي كانت مرسومة ومتّبعة بشكل تلقائي في السابق لا تنطبق فيه.

Gucci SS24

للجيل الجديد تأثير كبير على مختلف الصناعات، لا مفر من حدوث تغيير داخل صناعة الأزياء. ويُنظر إلى الموضة على أنّها وسيلة للتعبير والإبداع والحرية، وأصبح المستهلك يركز على التجربة والأصالة والشفافية عند اختيار ملابسه من أي علامة تجارية. أمّا الجيل زد، فيبحثون عن أن يكونوا مميّزين وفريدين من نوعهم بينما يسعون في نفس الوقت ليكونوا صادقين مع أنفسهم. ولقد لاحظت أفضل العلامات التجارية هذه التغييرات وتكيّفت معها من خلال تعديل أسلوبها لتناسب بشكل أفضل احتياجات جيل الشباب الذين يركزون بشكل أساسي على التعبير عن هويتهم والانتماء إلى شيء أصيل وحرّ. ومع ذلك، فإنّ الإبداع والابتكار المستمرين هما اللذان يحددان مستقبل العلامة التجارية. المفتاح هو إعادة الاختراع باستمرار بلمسة حديثة، وإبقاء المستهلكين مهتمّين والعلامة التجارية طموحة. وبالنسبة للجيل الصاعد والقادم، هناك العديد من العلامات التجارية الكلاسيكية الفاخرة المشهورة والمرغوبة، إلى جانب العلامات التجارية المعاصرة مثل Loewe و Maison Margiela و Alexander McQueen و Stella McCartney، والتي تتمتع بتراث قوي يجذب المستهلكين المعاصرين.

"بالنسبة لي، إنّ الملابس طريقة للتعبير عن الذات. وهي تحتاج إلى جمهور وإلى ناس للتواصل معهم. الموضة شيء نتشاركه، إنها تربط الناس، وتخلق تجربة تتجاوز الملابس. "- Anna Dello Russo

Saint Laurent SS24

Prada SS24

فمثلاً تستخدم دار الأزياء الإيطالية Gucci فكرة التعبير عن الذات الفني والحرية والشمولية والابتكار اللامحدود لتقدّم منتجات حديثة قائمة على التراث. وإنّ تركيز العلامة التجارية الشهيرة بشكل كبير على التكنولوجيا واكتسابها قدر هائل من الشعبية على منصات التواصل الاجتماعي مثل TikTok التي تقدّم تقنيات تسويق تركّز على المنتج، سمح لها بأن تلقى صدى لدى الجيل الجديد من المستهلكين. ومن جهّة أخرى، علامة Balenciaga التي كان يرتدي منتجاتها الأرستقراطيون وأفراد العائلة المالكة الإسبانية، والتي لطالما اشتهرت بالحرفية الرائعة والتصاميم المبتكرة، تُعتبر اليوم علامة تجارية أخرى مرغوبة بشدة بين الجيل الجديد. فبعد أن غيّرت بشكل ملحوظ مفهوم الفخامة الكلاسيكية والتقليدية، تعود العلامة التجارية اليوم إلى تاريخها وجذورها لإعادة إحياء القطع الأرشيفية التي تُحاكي المستهلك الحديث وجيل اليوم، وتقديم قطعاً خالدة وفاخرة تعكس الجرأة والتعبير عن الذات بقوة. وبالإضافة إلى ذلك، تقدّر العلامات التجارية الفاخرة مثل Dior و Fendi و Prada و Saint Laurentبشدّة تراثها الغني، وقد استخدمت منتجاتها الأيقونيّة كوسيلة لجذب الأجيال الشابة من خلال إعادة تقديمها وإعادة تصميمها وتجديدها وجعلها أكثر حداثة. ولقد نمّى الجيل زد إعجاب وتقدير عميقين للقطع الأيقونيّة المعاد تصميمها والتي تحمل قُصة وجمالية ملفتة مثل حقيبة Dior Saddle و Fendi Baguette وحقيبة Prada Nylon. فإن فكرة العودة إلى المجموعات القديمة التي تحمل تاريخ راسخ وتراث قوي وإعادة تصميمها، تلاقي إعجاب الجيل الصاعد اليوم. فباللعب على فكرة الحنين إلى الماضي وتحديثه، نجحت العلامات التجارية في جذب المستهلك الحديث، ما أعطاه حرية إعادة تنسيق المنتجات التاريخية بطريقة شخصية وحديثة.

أمّا العلامة التجارية الفرنسية الفاخرة Louis Vuitton المشهورة بتعاوناتها الفنية مع مختلف الفنّانين على مدى السنوات الماضية، فاكتسبت شعبيّة كبيرة بين الجيل زد. وقد جمعتها إحدى شراكاتها الأكثر إبداعاً مع الفنانة اليابانية Yayoi Kusama التي زيّنت منتجات الدار بنقشة نقاط البولكا الملوّنة. وكان هناك تعاون آخر مفاجئ مع علامة Supreme جمع بين الملابس الجاهزة والإكسسوارات المحفورة بشعارات مميزة باللونين الأحمر والأبيض، ما حقق توازناً مثالياً بين الفخامة وملابس الشارع الفاخرة. فيجد الجيل زد أنّ التعاون أمر مثير للاهتمام لأنّه يقدّم تجارب جديدة وابتكارات لم يسبق لها مثيل ويعرض ابتكار العلامة التجارية والحرية الإبداعية والإلهام اللامتناهي. فيقدّم هذا المفهوم شيئاً مختلفاً وجديداً لجيل الشباب من المستهلكين.

Stella McCartney SS24

Loewe SS24

لطالما كان يُنظر إلى الموضة على أنّها وسيلة لتوصيل صورة معينة عن أنفسنا لمن حولنا. واليوم، هي أكثر من مجرد مواكبة أجدد الصيحات، فقد أصبحت وسيلة تواصل غير لفظية تسمح للفرد بالتفاعل بواسطتها واعتمادها بحرية وبطريقته الخاصة. وتقف خزانة الملابس كأداة قوية للتعبير عن الذات وتمكين الذات، فهي تشبه لوحة تعرض ذاتنا الداخلية يمكننا الرسم عليها ما نريد إظهاره. فمستقبل الموضة مليء بالحرية، وهو مفهوم يتم تبنيه اليوم من قبل كل من المستهلكين والعلامات التجارية على حد سواء. فتأكّد العلامات التجارية بشدة على الحرية والتعبير عن الذات ليس من خلال المجموعات التي تقدّمها فحسب، ولكن أيضاً من خلال عروض الأزياء التي تحمل رسائل مهمّة في موضوعاتها وشعاراتها وأجوائها. فالعلامات التجارية التي تتمتّع بمجال واسع للإبداع من خلال التعاونات الفنية وإعادة تصميم منتجاتها الأيقونية والاستثمار في التكنولوجيا التي تسمح بنهج التفكير التمهيدي، تمنح المستهلكين حرية التعبير عن أنفسهم من خلال ملابسهم مع الابتعاد عن الصيحات الكلاسيكية والتقليدية وخلق أسلوب أنيق خاص بهم، وهي التعريف الحقيقي لحرية التعبير عن الذات.

 

 

اقرئي المزيد : Haya x UNEP معاً يوضّحان المفاهيم الخاطئة حول كيفيّة الوصول إلى أهداف الموضة المستدامة

 

 
شارك