أسيل عواد: المغامرة خوّلتني تخطّي مخاوفي واختبار معاني الحياة الحقيقية

لن نكتشف قدراتنا وقوتنا الحقيقية إلا حين نواجه التحديات، هذه حقيقة يعرفها معظم الناس ويعيشها بشكل دائم المغامرون والرياضيون ومن لا يخشون خوض التجارب الصعبة وحتى الخطيرة ليختبروا قوتهم ويتخطّوا مخاوفهم.

ولأنّ محور عدد مارس هو النساء المغامرات، نتعرّف على 5 شابات عشن أنواع مختلفة من المغامرة في مسيرتهنّ الرياضية، وتخطّين كل ما واجهنه بنجاح وقوة وإرادة لا تعترف بالمستحيل.

متسلّقة جبال، غوّاصة، فارسة وراعية بر، مؤسسة فريق Aseel Adventures للنشاطات الرياضية، إنّها المغامرة أسيل عوّاد التي استطاعت تغيير حياتها حين عرفت أنّ الخوف هو مجرّد وهم عقلي وحين نتخطّاه سنختبر المتعة والسعادة والرغبة باكتشاف المزيد عن قوتنا. اكتشفي المزيد عن رحلتها الملهمة في هذا اللقاء.

ذكرتِ في فيديو لكِ على صفحتكِ عبر إنستغرام: _aseelawwad@ أنّكِ لا تعرفين الاستسلام أو التوقف أمام الصعوبات. من أين استمديتِ هذه القوة؟

غالباً من إيماني بنفسي، ولطالما شعرت أنّه لديّ طاقة يجب أن تخرج للعالم، وأنني قادرة من خلالها على تحقيق كل ما أريده. وقد ساعدني كثيراً التسلق والهايكينغ، فكلما تخطيت قمة جديدة، شعرت أنّ ثقتي بنفسي وقوتي تتضاعف. ومن جهة ثانية، فقد واجهت صعوبات كبيرة في حياتي، وكنت أرتفع نفسياً كلما استطعت الخروج منها والتغلب عليها.

هل كنتِ محبّة للرياضة طوال حياتكِ؟ ومتى اكتشفتِ أنّها وسيلتكِ للتعبير عن ذاتكِ وتحفيزها؟

بدأت السفر بعمر 18 سنة حين دخلت إلى الجامعة، وبعدها بدأت أتعرّف على مفاهيم كثيرة تتعلق بالرياضة منها الهايكينغ والتي بدورها عرّفتني على نشاطات كثيرة، كالرافتينغ والغطس وركوب الخيل. هذه الهوايات لم تكن متاحة لي منذ الطفولة بسبب نظرة المجتمع الذي تربيت فيه لممارسة الفتيات لها، وبسبب القدرة المادية التي كانت محدودة وقتها، ولكن حين كبرت وازداد استقلالي المادي، استطعت أن أتعرّف عليها وأجرّبها، واكتشفت حبي الكبير للمغامرة والرياضة، وباتت بالنسبة لي هي الدافع للحياة، فهي سبب أستيقاظي يومياً وكلي حماس لأي نشاط جديد سأجربه.

تمارسين مجموعة كبيرة من الرياضات الخطيرة، ألا يوجد بينها ما يخيفك؟

يوجد حاجز صغير يسمّى الخوف وحين تتخطينه سيزول نهائياً لأنّكِ ستكتشفين أنّه حرمكِ من تجربة أشياء جميلة جداً في هذا العالم. وغالباً ما يقال إنّ الناس الذين يجربون الرياضات الخطيرة قادرون على تحويل الخوف إلى مرح، فما يحصل هو أنّ الإنسان يدخل في حالة إدمان لإحساس الرهبة مع ما يرافقه من إفراز للدوبامين الذي يجلب السعادة والإدمان في الوقت نفسه. أنا واحدة من هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بمغامرات ليلية، أو تسلق ارتفاعات هائلة، مع انعدام تام للخوف، ووجود الحماس والفضول والإثارة لاكتشاف المزيد. من جهة ثانية، فإنّ الرياضات التي أقوم بها فيها معايير أمان عالية جداً، فأنا لا أخاطر مثلاً بالقفز من علو مرتفع من دون أي محاذير سلامة، بل أعرف جيداً ما هي الرياضات التي يمكن أن أخاطر بها ولا أتأذى أو أخاطر بحياتي. ففي الهايكينغ مثلاً، أنا قادرة على معرفة مساري جيداً وأستطيع معرفة طريق العودة بإستخدام GPS، وهذه المعايير تعزز ثقتي بنفسي وتمدّني بالمزيد من الأمان والراحة أثناء المغامرة.

لماذا قررتِ تحويل شغفكِ هذا إلى مجال عمل من خلال تدريب الشبّان والشابات ضمن مبادرة Aseel Adventures؟

قراري نبع من رغبتي بمشاركة الناس شغفي الكبير، ولإعطائهم الدافع لتجربة هذه النشاطات ومساعدتهم على تخطي خوفهم وتحديه واكتشاف جزء جديد من شخصيتهم. ويتم ذلك من خلال أن أكون المثال لهم من خلال شجاعتي وقوتي وتفاؤلي وإيجابيتي، فحين يرون المرشد متحمّس سينتقل إليهم إحساسه العالي، أما إذا كان متوتراً وخائفاً فسيشعرون مباشرة بخوفه وسيتراجعون. ويتم أيضاً من خلال إدراكنا أنّ الخوف هو لعبة ذهنية وعقلية، فإذا سيطرنا عليه بعقلنا سنتخطى كل هواجسنا، لذا أسعى لتحويل وعيهم إلى فكرة أنّ الخوف هو اختيارك أنت وهو موجود في عقلك فقط، ولن تتغلب عليه إلا بقرارك الخاص، فلتختر أن تحوّله إلى حماس وسعادة بالاكتشاف. إنّ مجرّد الإدراك أننا قادرون على تخطّي المخاوف، هو الخطوة الأولى نحو التعافي، وفي البداية كثر يكونون خائفين ومتوترين قبل تجربة أي نشاط خطير، ولكن مع وجود الجماعة المشجعة والداعمة، سيخطون الخطوة الأولى، وسيتغيّر إحساسهم تماماً وسيختبرون تجربة رائعة.

لديكِ في شخصيتكِ وطريقة كلامكِ هدوء كبير وكأنّكِ مدرّبة حياة وليس مغامرة، كيف وصلتِ إلى هذه الحالة من التصالح مع الذات؟

من المهم جداً على المرشد أن يكون هادئاً ومتفهّماً للنفسيات المختلفة التي سيتعرّض لها، فكل شخص أقابله له مفتاح وهو خاص به. وتعلمت كل هذا من خلال تجارب عشتها لأكثر من 10 سنوات، أدركت حينها كيف يمكن التعامل مع إنسان يتعرض إلى نوبة هلع أو توتر كبير جداً، فهو يحتاج إلى شخص هادئ يسهّل عليه ما يعيشه ويستوعبه ليكمّل المسار، وليتخطّى خوفه كي يستمر. اليوم أستطيع أن أميّز بين من هو متعب فعلاً أو يتعرّض لنوبة هلع عابرة، ليخرج بأمان من هذه التجربة التي يعيشها، وتظل داخله ذكرى جميلة عنها، وليس صدمة نفسية أو عائق مستقبلي يحرمه من أي تجربة ثانية خارج منطقة الراحة الخاصة به.

كيف تقيّمين هذا التوازن في شخصيتكِ بين الهدوء والحسّ المغامر؟

أستمدّ هذا الهدوء من الطبيعة، ومن المغامرات التي أخوضها والتي أرفع بها كل طاقتي، فكل ما يضايقني يخرج من خلال الرياضات المتنوعة التي أمارسها، ليحل محله الهدوء وراحة البال والسلام. كما أنّ قيادة فريق هو أمر حساس ودقيق، فالمرشد العصبي سيستفز الأحاسيس الحادة في مجموعته، بينما الهدوء سيكون السلاح الأمثل لاستجلاب الراحة والطمأنينة لدى من حوله. فأنا ولكي أواجه أي مشكلة طارئة يمكن أن تحدث، يجب أن أكون هادئة ومنطقية فأحسّن تسيير الأمور حتى أحل الأزمة وأتّخذ القرار الحكيم في الوقت المناسب. الرياضة بكل أشكالها أفضل طريقة لتهذيب النفس، علمتني الهدوء والصبر والتخلّص من الطاقة السلبية بعيداً عن الناس المحيطين بي. لم أكن هكذا على الدوام، فقد كنت عصبية وشديدة التوتر، إنّما تواجدي بشكل كبير في الطبيعة وممارسة مختلف الرياضات أوصلني إلى هذا السلام النفسي.

نظراً لأنّكِ ترصدين عن قرب تأثير الرياضة على حياة الأشخاص، كيف يمكن أن تشجّعي الشابات على ممارستها؟

أرى الرياضة أساسية في الحياة، تماماً مثل الأكل والشرب، وهذا الاستنتاج هو خلاصة سنوات طويلة من الاحتكاك بأشخاص تغيّرت حياتهم فعلياً بعد أن زاد نشاطهم الجسدي. فأنا تعرّفت على أشخاص في السبعين قادرين على سير مسار طويل، أسرع من شخص في العشرين إنّما قليل الحركة، وبالتالي فإنّ الحفاظ على الصحة هو أكبر رأسمال لنا، ولا يمكننا ضمانه إلا من خلال الرياضة. ومن هنا يجب علينا أن نوليها اهتماماً كبيراً، لأنّها حقيقةً تقينا من الأمراض وما تعنيه من اللجوء إلى الأدوية وحتى عمليات التجميل، لأنّها قادرة على جعلنا أكثر شباباً وجمالاً. هنا ألفت إلى أنّه يمكنكِ البدء في أي عمر، فمجرد نصف ساعة في اليوم تكون كافية، وأنا أنصحكِ بأن تجربي عدّة أنواع من الرياضة كي تعرفي ما الذي يعجبكِ ويناسب نمط حياتكِ.

كيف تختارين محتواكِ المفيد عبر إنستغرام والذي يتضمن نصائح مفيدة لكل محبي المغامرة؟

غالباً ما تأتي الأفكار من الزبائن الذين يخوضون المغامرات معي، فهم يطرحون عليّ أسئلة واستفسارات، ومن ردودي تأتي الأفكار لفيديوهات مفيدة، فهذا السؤال سيكون مطروحاً لدى كثر غيرهم، لم يجدوا من يعطيهم إجابة وافية.

تخصصين حيزاً من اهتمامكِ لعرض الأزياء التي تحمل الطابع التراثي الفلسطيني تحديداً، فما هي غايتكِ من هذا الأمر؟

أحب أن أحافظ على الحيز التراثي والثقافي الذي يميّز هذا البلد العريق، وأوصله إلى الآخرين لكي لا يُمحى من ذاكرة الأجيال، ولكي أذكّر بعاداتنا وتقاليدنا التي تُسرق يومياً وتتم محاولات لمحوها أو تغييبها. وسائل التواصل في وقتنا الحالي فقيرة جداً بالفائدة الحقيقية، لذا أسعى أن أنقل رسائل مفيدة حول كل القضايا التي تعنيني شخصياً والتي أحس أنّها ستهمّ الآخر وتخدمه بشكل ما.

ما هي مشاريعكِ في الفترة المقبلة؟

أنوي اكتشاف بلدان أبعد وتحديداً في أميركا الجنوبية في فصل الصيف، كما أنوي تسلّق المزيد من القمم واكتشافها مع مشاركين من حول العالم، فترقّبوا أسيل في مغامرات جديدة!

اقرئي المزيد: المتزلجة السعودية شريفة السديري: اسعي دائماً كي تكوني أفضل نسخة من ذاتكِ

 

 
شارك