هيا ياسمين: السفر المستدام يوجّهنا نحو تجنّب المدن الكبرى وبناء عادات سفر أكثر صداقة للبيئة

السفر مع الإعلامية ومدونة السفر هيا ياسمين أجمل! صحيح أننا لا نرافقها في الحقيقة ولكنّها قادرة على نقل الأحاسيس والمشاعر والتجارب والمغامرات التي تعيشها في خلال رحلاتها بطريقة مليئة بالحماس والشغف، سواء من خلال تواجدها التلفزيوني عبر شاشة mbc في البرنامج المعروف «صباح الخير ياعرب» أو صفحتها على إنستغرام hayayasmeen@ وغيره من وسائل التواصل. هيا من أوائل الشابات اللواتي رفعن شعار السفر المستدام، فهي لطالما سعت لنشر التوعية به في خلال حلقاتها التلفزيونية أو إطلالاتها الاعلامية المختلفة، لذا ها هي حاضرة ضمن عددنا المخصص للبيئة لنكتشف معها الشكل الجديد الذي يجب أن يكون للسفر مستقبلاً.

كيف تعكسين تجاربكِ في سفراتكِ من خلال عملك الإعلامي؟

أسافر لتقريب قصص الأشخاص من مختلف الثقافات والخلفيات للعالم. فكرة عملي تتمحور حول جلب العالم إلى منازل الناس وجعلهم يدركون مدى تشابهنا جميعاً. دوري كصحافية هو إبعاد الناس عن أرائكهم للذهاب للاستكشاف وطرح الأسئلة وفهم سبب القيام بأشياء معينة بطرق محددة، بحيث أقول لهم: اذهبوا واحصلوا على القصص من الأرض ومن الناس مباشرةً بدلاً من أن يتم تلقينكم المعلومة كما يريد الآخر. وربما يعود ذلك إلى كوني فلسطينية، فنحن كشعب تعرضنا للظلم الشديد من قبل وسائل الإعلام الغربية وتم تصويرنا بطريقة غير عادلة، ولكن بمجرد زيارة فلسطين ستبدو الصورة الحقيقية واضحة بكل جلاء، وأحد أهدافي الرئيسية للقيام بما أقوم به هو رفع مستوى الوعي بهذه الحقائق وإيصال رسالة عن الإنسانية والعدل.

كيف تصفين أسلوبكِ في نقل تجارب سفركِ للمشاهد، وما هي أهم المعلومات التي تحاولين إيصالها؟

أحاول دائماً أن آخذ المشاهد معي لنكتشف ونختبر ونعيش ونجرّب أشياء جديدة معاً، فبهذه الطريقة يشعر المتلقي بالقرب مني. أهدف إلى الترويج لأسلوب حياة يقوم على انتهاج الاستدامة مع زيادة الحس المغامر لدى الناس، كما أركّز على إظهار مدى أهمية أفعالنا كأفراد على الحياة. أنشر الكثير عن الحياة البرية وروعتها حيث الحرية المطلقة للحيوانات، وأحاول دائماً موازنة زيارة الوجهات السياحية المعروفة مع اكتشاف الجواهر المخفية أو تسليط الضوء على الشركات المحلية لدعمها، وذلك من منطلق إحساسي بالمسؤولية كمسافرة.

كيف يمكنكِ أن تعرّفي لجمهوركِ مفهوم السياحة المستدامة؟

يبدأ السفر المستدام باختيار وجهات أكثر استدامة، فمن السهل البحث عن وجهات والحصول على قائمة بالبلدان الأكثر استدامة وذات البصمة الكربونية المنخفضة، والتي ترعى المبادرات والأهداف المستدامة... لقد عدت للتو من بوتان، حيث 70% من البلاد مغطاة بالأشجار، ما يعني أنّها تمتص ثاني أوكسيد الكربون، وبالتالي فإنّ البيئة رائعة ونظيفة وهم يعملون على الحفاظ على ذلك بكل فخر وحب، لذا أكنّ كل الاحترام والتقدير لهذه الشعوب والدول.

السفر المستدام يعني تجنّب الوجهات السياحية المعروفة والمكتظة، لبناء عادات سفر أكثر صداقة للبيئة، من اختيار وسائل النقل إلى الطعام الذي نتناوله إلى تقديم الدعم للفنادق المحلية التي سنقيم فيها، وغيرها من الخيارات البسيطة ولكنها تصنع كل الفرق.

ما هي أفضل الوجهات التي يمكن اكتشافها والتي تراعي الاستدامة وتحرص على الحفاظ على البيئة والثروات الطبيعية؟

من الدول الأكثر خضرة واستدامة هي السويد وقد وضعتها على قائمة رحلاتي لهذا العام، كما أنّ سويسرا رائعة حيث ستضيعين في المساحات الخضراء، وأنا أقول دائماً إنّ سويسرا تهدّئ جهازي العصبي وتأخذني في حلم داخل الطبيعة. يوجد أيضاً بوتان وسنغافورة، وآمل أن نرى بحلول العام المقبل المزيد من الدول العربية على قائمتي.

ما هي برأيكِ أهمية تطبيق معايير الاستدامة في أهم المدن السياحية حول العالم؟

زرت العديد من البلدان حيث أخبرني السكان المحليون أنّ الطقس لا يكون حاراً إلى هذا الحد في هذا الوقت من العام، أو أنّ هذا الجبل كان أكثر اخضراراً في السابق، أو لم يكن لدينا حرائق غابات كما هو الحال اليوم، أو لم تهطل الأمطار بما يكفي هذا العام لتكفي المحاصيل. لقد رأيت عن قرب حياة الناس تتغير بسبب تأثير تغيّر المناخ عليها، لذلك أعتقد أنّ المسؤولية الكبرى تتحملها المدن المزدحمة والسياحية، ومن واجبها تبنّي خيارات جديدة لإحداث التغيير والتحوّل، طبعاً إذا أردنا الاستمرار في الاستمتاع بهذا الكوكب وبالجمال والطبيعة التي يتميز بها.

كيف تنظرين إلى سعي دبي لتحقيق التنمية السياحية المستدامة وإظهار التزامها القوي بحماية البيئة والثقافة المحلية؟

تقوم دبي بعمل رائع كونها رائدة في العالم العربي في مجال الاستدامة، فنحن لدينا مدينة كاملة تسمّى المدينة المستدامة، والأمر يبدأ باهتمام الحكومة بهذه المبادرات لتنتقل إلى الناس، من وجود مساحات الطاقة الشمسية الموفرة للطاقة التي تشارك فيها هيئة كهرباء ومياه دبي، مع مترو النقل وسيارات الأجرة الهجينة وطرق خاصة بالدراجات في جميع أنحاء المدينة. كما أنّ هناك دعم للمزارع المحلية والعضوية التي تنتج محاصيل عالية الجودة. ويتوفر أيضاً مياه مجانية لإعادة ملء زجاجات المياه القابلة لإعادة الاستخدام، وهذا ما أفضّله في الحقيقة، لأنني شخصياً لا أستطيع تحمّل رؤية الزجاجات البلاستيكية.

كيف ترين الجهود المبذولة لتطوير السياحة المستدامة في الدول العربية؟ هل هناك اهتمام حقيقي بالحفاظ على الثروات الطبيعية والتراثية الكبيرة في عالمنا الخليجي والعربي؟

عندما بدأت برنامجي لأول مرة قبل 6 سنوات، اعتدت أن أذهب إلى التلفزيون وأقدّم بعض النصائح حول كيفية عيش نمط حياة أكثر استدامة، وكان يأتي إليّ بعض الزملاء ويقولون: «لكن هيا، كيف يمكن لتصرّف شخص واحد، مثل التوقّف عن الشرب بالشلمونة، أن يحدث أي تغيير؟»، وللأسف هذه هي العقلية التي نحتاج إلى التغلب عليها، وقد رأيت بالفعل تحولاً كبيراً منذ ذلك الحين إذ أدرك الناس أنّ لكل شخص دور. نعم، على نطاق واسع، نحتاج إلى الشركات الكبرى والحكومات لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإحداث تغيير كبير، ولكن تغيير العقلية هو أحد أهم الأشياء التي يجب أن تحصل، وأعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة اليوم، إذ لدينا العديد من الخبراء الذين يتطرقون إلى أهمية الاستدامة وضرورة اعتمادها في الممارسات الحياتية المختلفة.

ما هي نصيحتكِ للمسافر لكي يراعي شروط الاستدامة والحفاظ على البيئة في خلال رحلاته المختلفة؟

أنصح بالإقامة في فندق مستدام أو يتبع تدابير مستدامة، وباستخدام وسائل النقل المستدامة إذا كانت متوفرة. وشيئان بدأت أسافر بهما دائماً هما الماء الذي أحتاج لشربه بكثرة أثناء التنقل بالإضافة إلى قهوتي، فأنا آخذ معي كوب القهوة الخاص بي وزجاجة المياه وأعيد ملؤهما خلال تنقّلاتي. معظم الفنادق التي أقيم فيها مستدامة وبالتالي فهي لا تستخدم البلاستيك، وغالبية المنتجات التي يستخدمونها في طعامهم محلية. أشياء بسيطة مثل هذه يمكن أن تكون الخطوات الأولى لكل شخص... أنا مثلاً أحاول المشي بدل طلب سيارات أجرة، وأستخدم وسائل النقل العام بدلاً من السيارات الخاصة.

كيف تسعين إلى رفع الوعي حول أهمية البيئة والثروات الطبيعية من خلال عملكِ الإعلامي ورحلاتكِ؟

حين أزور أي بلد جديد، أذكر دائماً للمشاهدين التدابير المستدامة التي ينتهجها، وأسأل عن البصمة الكربونية، كما أسأل في كل فندق أو مطعم أقصده عن المبادرات أو التدابير التي يتّخذها حرصاً على الاستدامة. فبرأيي كلّما زاد عدد الأشخاص الذين يسألون، سيزيد اهتمام هذه الشركات بتلبية رغبات الزبائن، وسيزيد حس المسؤولية لديها تجاه البيئة والأرض. التغيير يبدأ مع كل واحد منّا، فيمكنكِ اختيار عادة واحدة في كل مرة لتغييرها، وفي خلال وقت قصير ستشعرين بالتأكيد أنّكِ قطعتِ شوطاً طويلاً في الطريق الصحيح. 

اقرئي المزيد: الاستدامة في عالم الجمال: ما هي مبادئها؟

 
شارك