شهد ناظر: الفنّ الصادق يلامس القلب والروح

عاشقة للفنّ والإبداع والأفكار الخلّاقة، هي الشابّة السعوديّة شهد ناظر التي تجمع بين اختصاص التصميم الغرافيكي وحب الفنون بمختلف أنواعها من رسم وكتابة كي تبدع أعمالاً متكاملة تحمل رسائل اجتماعيّة مؤثّرة، تطال المرأة بالدرجة الأولى وتصل إلى مختلف شرائح البيئة الخليجيّة والعربيّة. وقد التقينا شهد لنغوص أكثر في أفكارها وآرائها ومشاريعها المقبلة.

تعرّفين عن نفسك عبر إنستغرام من خلال صفحتك @shahad.nazer بأنّك روح حرّة، فما الذي تعنيه لك الحرّيّة ومن أين تستمدّينها؟

الحرية تعني لي الكثير وهي تتلخص بالقدرة على التفكير من دون قيود، وأن تكون روحي حرة وآرائي وأفكاري كذلك، فلا أحد قادر على سلبي هذه الأمور. وصحيح أنها غير محسوسة لكنها أساسية للإحساس بالراحة، ولا أحد قادر أن يتحكم بروحي وما لها من أفكار وآراء. وجميل جداً أن تكون روحنا مرحة وحرة ومنطلقة وقادرة على الاكتشاف وخوض التجارب والتعلم والاستفادة من كل الفرص المتاحة أمامها. هذا باختصار معنى الحرية وهو يعكس حقيقتي وهويتي الفعلية. فأنا روح حرة قادرة على التساؤل وتقبل الغير والبحث عن المعرفة، وهذا ما يميزني وما أريد أن أحافظ عليه كي أستمر بالعطاء والتطور.

فنّانة في المساء ومصمّمة في النهار، هل اخترت هذا الترتيب لأنّ المردود المادّيّ للفنّ ليس بكثير، أم لأسباب أخرى متعلّقة بمدى الصفاء الذهنيّ ليلاً الذي يخوّلك التعبير بشكل أكبر؟

صحيح، فأنا موظفة في الصباح، إذ أعمل كمصممة غرافيكية في شركة. بالتالي أؤدي واجباتي المهنية خلال ساعات النهار وأحصل على راتب مقابل عملي نهاية كل شهر، وهذا أمر مطلوب وضروري لأن المادة مهمة في حياتنا. وبالطبع أحب وظيفتي التي أبرع فيها لأنني أعتبر التصميم جزءاً من الفن الذي أعشقه. أما أعمالي الفنية أو المشاريع الخاصة التي يتم تكليفي بها كـ"فريلانسر"، فأنفذها فترة المساء لأن الليل هو الوقت الأمثل للإبداع وللأفكار الخلاقة، بحيث أدخل عالمي الخاص البعيد عن الصخب والضجيج، ويبدأ سيل الأفكار بالتجلي بوضوح أمامي.

وبالعودة إلى الموضوع المادي فأؤكد أن الوظيفة مهمة جداً في حياة كل شابة فهي توفر لها استقراراً معيناً يساعدها كي تبدع أكثر في أي نشاط آخر تحبه. فأنا لا يمكن أن أعتمد مادياً فقط على المشاريع الخارجية التي أنفذها، لأنني لا أتلقاها بشكل دوري ولا أعرف متى تأتي فرصة مناسبة للعمل، وبالتالي أترك ساعات اليوم للوظيفة وفي المساء أقوم بأعمالي الفنية.

ترافق جمل معبّرة جدّاً أعمالك الفنّيّة، فتبدين كالشاعرة. برأيك الحسّ الفنّيّ هو كلٌّ لا يتجزّأ بمعنى أنّ الفنّان يكون قادراً على التعبير بكلّ الطرق أم هي ميزة لديك فقط؟

أحسّ أنّ كل فنان في أي مجال فني لديه هذا الحس العالي الذي يحوله إلى شاعر ويتجلى في رقة الكلام وجمال التعابير. وهذا العمق مطلوب وطبيعي كي يكون عمله صادقاً ويلامس القلب والروح. وبالنسبة إليّ فأنا أعشق الكتابة منذ سنوات طويلة لا سيما الشعر، حتى أنني أعمل على 4 روايات لكنني لا أجد الوقت الكافي لإكمالها. وأحب أن أكتب الخواطر والأفكار التي تنتابني وأدخلها في فني، إلا أن الناس لا تعرف هذه الميزة فيّ. فأنا أرغب أن يحرك فني شيئاً في الجمهور فلا يمر عليه مرور الكرام ويقول: آه إنه فعلاً عمل جميل! وهو جميل من وجهة نظرك وهذا أمر جيد، لكنه أيضاً يحمل معاني كثيرة وعميقة. ومن خلال كلماتي أساعد المتلقي على الغوص أكثر في هذه المعاني. ويجب أن يحرك الفن مشاعرنا ويغيرنا بطريقة ما، لذلك يجب أن نستخدم كل حواسنا كي نتلقاه. وعلى الفنان أن يساعد المتلقي كي يوصل إليه كافة الأحاسيس والمعاني الكامنة خلف قطعته الفنية.

الورود والألوان رفيقة أعمالك، فما الذي تعنيه لك؟

منذ صغري أحب الورود كثيراً وهي تذكرني بأهلي، إذ اعتاد والدي على جلبها لأمي. لذا ارتبط معناها في خيالي بالحب والاهتمام، كما أنها تعطي الحياة للقطعة الفنية. فالأزهار والنباتات بشكل عام تعكس الحياة والفرح والبهجة سواء وضعتها في البيت أو المكتب أو جلبتها كهدية لأحدهم. وما بالك لو رافقت عملاً فنياً؟ بالتأكيد ستزيده جماليةً وسحراً. فأنا إنسانة محبة للألوان، لذا تمتلئ لوحاتي بها. وهذا أسلوبي وبصمتي وخياراتي وبالتأكيد ستنعكس على أعمالي.

ما الذي يميّز أسلوبك الفنّيّ وما هي البصمة التي تحبّين إضافتها على الفنّ؟

أحب أن تكون مواضيعي متنوعة. وصحيح أنني أتكلم كثيراً عن قضايا المرأة والمشاكل في المجتمع وهذا سبب شهرتي السريعة، لكنني أحب أيضاً أن أقدم أعمالاً مرحة وبسيطة عن الفضاء والكواكب، ولو عاد الأمر إليّ لافتتحت معرضاً مخصصاً لهذا النوع من اللوحات. وفي الحقيقة أظن أنني وفي وقت قصير استطعت تكوين بصمة خاصة من خلال خطوطي وألواني وأسلوبي بحيث أن من يرى لوحاتي سيعرف أنها تحمل توقيعي من دون أن يقرأ اسمي. وهذا الأمر يسعدني كثيراً لأنه يؤكد لي أنني أترك بصمة واضحة في الساحة الفنية السعودية والعربية.

حدّثينا عن أجدد مشاركاتك في معارض عربيّة وإلى أين تطمحين الوصول؟

شاركت مؤخراً في معرض مع "سكة" في دبي وتحديداً في حي الفهيد التاريخي. وكان الموضوع عن الفضاء وقد حقق نجاحاً كبيراً وحصلت على تفاعل من الجمهور. وأنا أعرض دائماً في دبي وأبوظبي، كما عرضت أعمالي سابقاً في بلجيكا ولندن وتركيا. وأطمح إلى أن أصل بأعمالي إلى بلدان أخرى تقدّر الفنون وتهتم بالمواهب الصاعدة. كما لديّ مشروع جديد لكن ليس لديّ صوره بعد، إذ إنني عرضت أعمالي في فندق في دبي وتسنى للجمهور رؤيتها وشراء ما يعجبهم منها.

هل ترين أنّ هناك ازدياداً لتقدير الأعمال الفنّيّة النسائيّة في المملكة، وهل تلقّيت الدعم الرسميّ والعائليّ لتنطلقي في تحقيق طموحك الفنّيّ؟

حالياً ازداد التركيز على المهارات النسائية في مختلف المجالات لدينا في السعودية. وقد استفادت الشابات الموهوبات من هذا الدعم ونرى إبداعات رائعة على الساحة، وهذا أمر مفرح لأن تقدير الفن واجب للإرتقاء بحياة الشعوب وبالذوق والمشاعر. وأنا فخورة بكل ما يحصل في بلدي من تغييرات تصب في مصلحة المرأة وتخدم تقدمها. وبالنسبة إليّ، كان أهلي ومحيطي
الصغير داعماً لي حتى أن والدتي وشقيقتي هما مَن دفعتاني لأفتتح صفحة عبر إنستغرام ومشاركة أعمالي مع الجمهور العريض. وأعتقد أن هذا الدعم أو حتى الدعم الرسمي، ضروري لأنه يعزز الثقة بالنفس ويزيد من رغبة الإنسان بالعطاء والعمل لتحقيق النجاح.

 
شارك