رابعة الزيات: زوجي وأسرتي هما أولويّتي وهذه أسرار زواجي الناجح

هي إعلاميّة مشهورة استطاعت خلال سنوات طويلة أن تثبت نفسها في مجال تقديم البرامج وتكسب الاحترام والحبّ من الجمهور العربي، وهو شاعر وإعلاميّ معروف وله تاريخ طويل في الكتابات المميّزة. جمعهما الحبّ منذ سنوات واختارا الزواج وإنشاء أسرة صغيرة أكملت عليهما حياتهما. رابعة الزيات وزاهي وهبي مثال ناجح لزواج المشاهير فكيف حافظا على علاقتهما وظلّ الحبّ حاضراً فيها؟ التقينا رابعة التي حدّثتنا عن زواجها وأسرار نجاحه.

تعيشين زواجاً ناجحاً مع الشاعر والإعلامي زاهي وهبي فكيف بدأ الحب وتُوّج بالزواج؟

علاقتي بزاهي بدأت بالإعجاب من ناحيتي فأنا قبل أن أدخل مجال الإعلام، كنت معجبة بطريقته في التقديم وثقافته واحترامه حين يظهر على الشاشة، إنّما لم أتخيّل للحظة أنّ علاقة ما ستربطني به. ولكن حين حصل طلاقي من زوجي الأوّل وعدت إلى لبنان بعدما عشت طويلاً في أفريقيا، صار لديّ رغبة غريبة في التعرّف إليه عن قرب. وقد سعيت إلى ذلك والتقينا عبر صديق مشترك، بعد مرور أكثر من سنة على قولي لصديقي أنّني أرغب برؤيته. أعترف أنّني قمت بالخطوة الأولى وأنصح كلّ فتاة ألّا تخاف أو تتردّد في حال شعرت بالرغبة في التعرّف إلى شخص ما، فأحياناً يحتاج الحبّ إلى هذه الشجاعة، وهي لا تعني أبداً أنّه يسهل الإيقاع المرأة إنّما تدّل أنّها قويّة وجريئة ولديها قدر كافٍ من الثقة بنفسها. فالحبّ جميل جدّاً ونستحق جميعنا أن نعيشه مع الشخص المناسب. ولأعود إلى علاقتي بزاهي فقد بدأ الإعجاب بيننا منذ اللقاء الأوّل وتطوّر إلى الحبّ ومن ثمّ الزواج.

هل أزعجك تواجد زاهي تحت الضوء في بداية علاقتكما أم تأقملت مع شهرته؟

أنا ارتبطت بشاعر قبل أن أرتبط بإعلامي ولذلك فإنّ نمط حياة زاهي كان ولا يزال بعيداً عن الصخب والأضواء التي تكون مزعجة أحياناً. قمنا بما يشبه الحصانة على حياتنا الزوجيّ، فنحن حضرنا المناسبات التي تعنينا وتضيف إلى حياتنا المهنيّة ونحاول تفادي التواجد الزائف الذي لا يضيف
إلينا أيّ قيمة.

كيف تتغيّر العلاقة مع مرور السنين وفي أيّ اتّجاه تذهب مشاعر الحبّ؟

تختلف العلاقة كثيراً وتمرّ بمراحل ومتغيّرات وتواجه مشاكل ويسود فيها بعض الروتين. إنّما المحافظة على عنصر الصداقة مهمّ جداً ليجمع بين الشريكين. وأنا حين اخترت زاهي اخترت رفيقاً أستمتع بالتواجد بقربه وهذا الأمر قرّبنا من بعضنا ويقرّبنا أكثر. فحين نتقدّم في السنّ وتزول الشهرة والأضواء من حولنا، سيكون رفيقي الذي أستمتع معه بأصغر الأمور.

كيف استطعتما المحافظة على استقرار العلاقة وما هو سرّ نجاح الزواج بين شخصين معروفين ويعملان في المجال نفسه؟

ببساطة علاقتنا الزوجيّة هي أولويتي وأعتقد أنّها أولوية زاهي أيضاً فهي لا تتأثّر أبداً بشهرتنا التي تبقى خارج منزلنا. ففي البيت أنا أمّ وزوجة فقط، ما يعني أنّ كل اهتمامي منصّب على أسرتي. أمّا عن سرّ نجاح زواجنا فهو الحبّ والاحترام والوعي وترك مساحة من الحرية للشريك، فلا يجب على أيّ طرف من الطرفين أن يخنق شريكه بالاهتمام بل عليه أن يكون موجوداً حين يحتاج إليه فحسب ليظهر الدعم والمساندة.

ما هي ميزات العمل في نفس المجال وعيوبه؟

لم أرى لعملنا معاً أيّ عيوب بل فيه الكثير من المزايا فأنا أفهم حين يكون منزعجاً من شيء حصل معه في العمل، وهو أيضاً يعرف كيف يدعمني حين تواجهني مشكلة في برامجي. من جهة ثانية هو يفهم جيّداً حين يكون لديّ تصوير يتطلّب السهر طوال الليل وسآتي إلى المنزل مرهقة، فيهتمّ بالولدين في غيابي. بينما لو كنت متزوجة من شخص عادي لا يعمل في مجالنا فإنّه لن يفهم على الأغلب لمَ أغيب لوقت طويل عن أولادي وزوجي.

هل تتبادلان الآراء حول العمل أم تفضّلان أن يكون أحدكما بعيداً عمّا يقدّمه الآخر؟

في الحقيقة، نفضّل إبقاء عملنا بعيداً عن علاقتنا إنّما أقترح على زاهي أحياناً فنّاناً أو شاعراً ليستضيفه في برامجه وهو أيضاً يقترح عليّ بعض الأسماء لأستقبلها في برنامجي. لكّننا لا نتدخل في مضمون كلّ برنامج أو توجّهه. فزاهي اختار منذ بداياته البرامج الثقافيّة والهادفة وهي أقل جماهيريّة وتختلف قليلاً عن المجال الذي فضّلته أنا، وهو أكثر شعبيّة لأنّه يتضمّن محتوى فنّياً وأكثر تنوّعاً يشبه شخصيّتي ويسعدني تقديمه.

تحدث الغيرة من نجاح الشريك حين يكون الإثنان تحت الأضواء فهل حصل هذا الأمر في مرحلة ما من مراحل علاقتكما؟

إطلاقاً فزاهي هو أوّل معجب بما أقدّمه وعلى العكس تماماً أراه سعيداً بنجاحي وفخور بما حقّقته بجهدي وتعبي الخاصّ، وأنا أيضاً فخورة جدّاً به وبخطّه المميّز في الشِعر والتقديم فهو ببساطة لا يشبه غيره.

يصعب على المرأة فهم الرجل والتعامل معه فكيف إذا كان شاعراً معروفاً بمزاجيّته؟ كيف تمكّنت من امتلاك مفاتيح زاهي؟

لم يكن الأمر سهلاً أبداً، لكنّني استوعبت منذ اللحظة الأولى لزواجنا أنّني أرتبط بشخص معروف ولديه مزاجيّته وطباعه وحتّى «الإيغو» الخاصّ به. أدركت أنّني يجب أن أحترم خصوصيّته وأعطيه مساحة من الحريّة ليكون له عالمه الخاص، وهذا ما يريحه حتّى اليوم في الزواج. هذا لا يعني أنّني لا أغار عليه أو أهتم به بل أكون حاضرة في الأوقات اللازمة وغائبة حين أشعر أنّه بحاجة إلى خلوته. الثقة ضرورية جدّاً في العلاقة وبما أنّني أثق به أعرف جيّداً أنه سيعود إليّ بحب أكبر.

هل تمرّان بفترات ملل في العلاقة وكيف تتخطّيان الروتين؟

هو ليس مللاً، إنّما يحتاج الإنسان ببساطة إلى التغيير من حين إلى آخر حين تتعب نفسيّته. وبما أنّ السفر حاليّاً بات صعباً، فإننا نقصد منزل القرية الذي نملكه. فنحن نحبّ الطبيعة كثيراً وهناك أهتمّ بالمزروعات والأرض وأتنشّق رائحة التراب وأستمتع بالقرب من النبات والشجر والورد. لا يعنيني ترف الفنادق الفاخرة، إنّما أحبّ السفر لأتعرّف على حضارة جديدة وأنسى مسؤوليّاتي لبعض الوقت وأعيش حياة لا تشبه روتيني السابق.

هل تحتفلان بيوم الرومانسيّة وما الذي يعنيه الحبّ لك؟

لا نحتفل بهذه المناسبة لأنّنا ببساطة نعيش الحبّ في الواقع وليس له تاريخ احتفال محدّد. الرومانسيّة بالنسبة إليّ ليست باحتفال أو هدية ثمينة، بل بالاهتمام والاحترام والخوف على مشاعر الطرف الثاني وصحّته. هي أن يخاف عليّ ويحاول إسعادي ويعمل على راحتي. الحبّ هو التفاهم والدعم في أوقات الشدّة، فأنا مؤخراً أصبت بكورونا وزاهي لم يتركني للحظة وقد أحسست بمدى حبّه من حرصه عليّ وعلى سلامتي واهتمامه بالقيام بكلّ ما يريحني. هذا ما تطلبه المرأة من الشريك وليس المال أو الورود أو أيّ غرض مادّي مهما بلغت قيمته.

تربية أولاد والمحافظة على توازنهما النفسي في أسرة يكون الأب والأمّ فيها مشهورين ليست سهلة فكيف تنجحان في المهمة؟

وجودنا في البيت معهما ساعدنا كثيراً لنواكب كلّ ما يجري في حياتهما، ففترات عملنا مريحة نسبيّاً لأنّ مجال عملنا أفضل بكثير من مهنة الطبيب الذي يغيب لساعات طويلة عن أسرته أو الموظّف الذي يداوم لتسع ساعات في اليوم. بينما يُعدّ غيابنا محدوداً، وحين يغيب أحدنا بشكل اضطراري للسفر أو التصوير لوقت متأخر، يكون الآخر حاضراً ليعوّض غيابه. وأنا ربّيت أولادي بعيداً عن عالم الشهرة كي لا أثقل عليهما بحملها. لكنّهما يفرحان مثلاً حين يستقبلنا صاحب مطعم نقصده بابتسامة أو حين يأتي الناس لإلقاء التحيّة علينا حين نخرج سويّاً. هما ببساطة فخوران بنا وهذا أمر جميل جدّاً ومطلوب، إنّما لا يعيشان ترف الشهرة بل يجتهدان ليحصلا على مكافأة كأيّ طفلين طبيعيّين.

إلى أيّ مدى يساهم نجاح المرأة في حياتها المهنيّة في تميّزها في دورها كأمّ وزوجة؟

تكون أنجح في كلّ المجالات، فهي أم معطاءة أكثر وزوجة واثقة بنفسها وقويّة أكثر. أنا امرأة عاملة من أوّل يوم في حياتي، وحتّى في زواجي الأوّل لأن أي نجاح تحقّقه المرأة ينعكس إيجاباً على أولادها وأسرتها. والأطفال الذي يرون والدتهم قويّة وصلبة يجدونها مثالهم الأعلى، أمّا الطفل الذي يرى والدته ضعيفة ومنهزمة، فسيشفق عليها ويحزن لأجلها. أريد أن أوضّح هنا أنّ ربّة المنزل هي امرأة عاملة ولكن عليها ألّا تدفن نفسها في المسؤوليّات، وليكن لديها اهتمامات أخرى كالقراءة وتطوير مهاراتها والقيام بنشاطات مفيدة لأولادها والاهتمام بصحّتها وجمالها، أيّ أن تشغل نفسها بأمور إيجابيّة لتحسّن ذاتها.

ما هي نصيحتك للشابّات المقبلات على الزواج للنجاح في هذه المؤسسة؟

أقول لهنّ إنّ الرومانسية تخفّ والشغف يزول فالحياة الزوجيّة تحتاج إلى الاحترام والحبّ وتقبّل الآخر كما هو وعدم محاولة تغييره بل أخذه بحسناته وسيّئاته. وهنا أرى أنّ ازدياد نسب الطلاق سببه الغوص في العالم المادّي وعالم السوشيل ميديا المليء بالمظاهر والشكليّات، فالسعادة لا تعني السفر وشراء حقيبة ثمينة وتناول الطعام في أرقى المطاعم بل هي أعمق بكثير من هذه الأكاذيب. وهذه الجائحة التي غيّرت العالم هي درس لنا لنعيد التفكير بأولويّاتنا ونفهم جوهر الحياة. وهنا أغتنم الفرصة لألفت إلى جريمة قاسية حصلت قبل أيّام في بيروت، حيث قام زوج بقتل زوجته الشابّة زينة كانجو، وتُعدّ واحدة من جرائم كثيرة تحصل بحقّ النساء. فهذه الشابّة كانت تتغنّى على وسائل التواصل بحبّ زوجها لها لترضي معايير المجتمع المزيّف الذي تعيش فيه فحسب، لكنّها في الحقيقة كانت تتعرّض لأقسى أنواع العنف الذي أودى في النهاية بحياتها. أنصح كلّ امراة ألّا تقبل العنف سواء كان جسديّاً أو نفسيّاً، وألّا تدخل في علاقة سامّة مع رجل يهينها أو يحقّرها أو يريدها لأنّ شكلها جميل. هذا المجتمع الممعدن أفقد العلاقات جمالها وحقيقتها وأبعادها الإنسانيّة وذهب بنا إلى نهايات قاسية وصعبة، لذا علينا العودة إلى الجوهر لنكتشف جمال ما حولنا في العالم الحقيقي.

مررت بتجربة كورونا وشفيت من الفيروس مؤخراً فما الذي غيّرته فيك هذه التجربة؟

ما عشته كان صعباً جدّاً وأحمد الله أنّني لم أحتج إلى دخول المستشفى. فقد مرّت ليالي شعرت فيها أنّني أفقد السيطرة على جسدي وعشت أوجاعاً شديدة، لكن كميّة الحبّ التي تلقّيتها من الناس أسعدتني كثيراً وساهمت في شفائي. فالدعم النفسي أساسيّ لمريض كورونا، إذ يكون معزولاً عن العالم لذلك يفرح بكلّ كلمة تشجيع وحبّ من أشخاص محبّين من حوله. تعلّمت من تجربتي أن أكون محبّة ومسالمة أكثر وأنا بطبعي هكذا، لكنّني تأكّدت أنّه يمكننا أن نفقد حياتنا في أيّ لحظة. لذلك علينا أن ننسى ونسامح ولا نحمل الضغينة في قلوبنا ولا نحقد أو نضيع وقتاً بالغوص في المشاعر السلبيّة، بل نعطي الحبّ وننتظر الحصول عليه في المقابل.

 
شارك