باميلا الكيك: لا وقت للحب

هي ياسمين في «فرصة ثانية»، كارلا في «جذور» وحالياً هي ريم في «سمرا»... هي الممثلة اللبنانيّة باميلا الكيك التي سطع نجمها في عالم التمثيل وعرفت لعبة اختيار الأدوار بإتقان، ما جعلها محط أنظار الناس الذين باتوا يتابعون أعمالها ويترقّبون أدوارها الجديدة. باميلا التي تختار أدوارها بدقة متناهية، ها هي تثبت مرّة جديدة أنها قادرة على تجسيد الشخصيّات المركّبة والأكثر جرأة من خلال مسلسل «سمرا». وتحلّ ضيفة على صفحات «هيا» لتتحدث من خلالها عن كواليس مسلسل «سمرا»، عن تجربتها السينمائية الأولى، عن حلمها الذي سيتحقق وعن نظرتها للمجتمع الذكوري وغيرها من المواضيع.

يتابعك المشاهد العربي في مسلسل «سمرا» بدور «ريم». حدّثينا عن هذا الدور وما الجديد الذي أضافه إلى مسيرتك المهنية؟

من الطبيعي أن يضيف العمل إلى مسيرتي المهنية، فأنا ممثلة تستهويها الأدوار المركّبة، فضلاً عن الأدوار الهادفة وتلك التي تحمل في طيّاتها رسالة معينة. مسلسل « سمرا» يضيء على موضوع حساس جداً وفي غاية الأهمية ألا وهو مرض نقص المناعة المكتسبة (السيدا)، كما يتطرق إلى فئة مهمشة في المجتمع وهي البدو (النَوَر). الصعوبة الأولى التي واجهتها هي في تقبّل دوري كامرأة مصابة بمرض لا يزال حتى يومنا هذا يُعتبر من المحرّمات التي لا يمكن الحديث عنها في مجتمعاتنا العربية. انطلاقاً من هذا الواقع، أخذت على عاتقي مسؤولية تقديم هذا الدور، علماً بأنها المرة الأولى التي تتناول فيها الدراما العربية مرض نقص المناعة المكتسبة، وبالتالي تناول موضوع مماثل تطلّب منّي ومن الممثل وسام حنّا جرأة كبيرة خصوصاً أن الأمر الذي يقلقني هو أن يقوم بعض الصحافيين بربط إسمي وإسم وسام مباشرة بذلك المرض في عناوين مقالاتهم، باعتبار أن بعض القراء يكتفون بقراءة عنوان المقال دون قراءة مضمونه. من جهة أخرى، أريد أن أوجّه تحية إلى الكاتبة كلوديا مرشليان التي تجرأت وطرحت موضوعاً مماثلاً وجعلتني أرغب في خوض هذه التجربة التي تحمّست لها. كما أريد أن أنوّه بالدور الكبير الذي لعبته المخرجة رشا شربتجي في نجاح العمل خصوصاً أنها بارعة جداً في نقل لغة الشارع إلى الشاشة.

هل واجهت صعوبة في أداء اللهجة التي تتحدثين فيها في العمل؟

لا شك في أن هذا الأمر كان تحدٍّ كبير بالنسبة إليّ لأبرهن للناس أنني لست «باربي»، بل أنا ممثلة، خصوصاً أنني أؤدي لهجة مغايرة تماماً في الوقت الذي اعتاد فيه المشاهد أن يسمعني أستخدم بعض العبارات الفرنسية والإنكليزية خلال حواراتي الصحفية.

لا شك في أن إتقان دور مماثل يحتاج إلى إجراء بحث مسبق ودراسة معمّقة عن مرض نقص المناعة ونمط حياة المرضى. ما هي الجهود التي قمت بها ليخرج الدور بهذه الواقعية؟

المجهود الذي قمت به كان من خلال متابعتي أدق التفاصيل المتعلقة بالدور بمساعدة مرشليان، بحيث تطلب منّا هذا الأمر ساعات طويلة من العمل المضني شاهدت خلالها العديد من البرامج الوثائقية الخاصّة بهذا المرض عبر موقع يوتيوب، كما قرأت العديد من المقالات المرتبطة بهذا الموضوع بالذات. أضف إلى ذلك، الموهبة التي أمتلكها والسرعة في تأقلمي مع الدور.

أثنى الكثيرون على طريقة تأديتك للدور عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إلى أي حدّ يحمّلك هذا الأمر مسؤولية كبيرة؟

لا شك في أن رأي الجمهور هو من رأي الصحافة والنقاد والفنانين، لأن الجمهور لا ينحصر فقط في خانة المشاهدين والأشخاص الذين يتسمّرون أمام الشاشة، فأنا في طبيعة الحال سأتحول أيضاً إلى مشاهد، وكل شخص سواءً كان صحافياً أو فناناً أو أي شخص آخر، سيصبح في مرحلة ما مشاهداً عادياً للعمل. لم أكن أتوقع هذ الكمّ من ردود الفعل الإيجابية حول دوري في العمل، وكلّها نابعة من القلب. لا شك في أنّ كل فرد شارك في «سمرا» قام بمجهود كبير خصوصاً أن المشاهد صُوّرت داخل الخيم وليس في منازل فخمة، كما أن ظروف التصوير كانت صعبة من اختيار مواقع التصوير وغيرها. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتنا، إلا أنني سعيدة جداً بهذه التجربة وراضية عنها تماماً.

ماذا اكتسبت من شخصية «ريم» وما الذي أخذته منك؟

كل شخصية أقوم بتجسيدها آخذ منها وأعطيها في المقابل، وشخصية «ريم» تحديداً، اكتسبت منها الأمور المرتبطة بالنواحي الإنسانية أي بتعبير أدق، بت على دراية أكبر بالنعم التي وهبني إياها الله مقابل نمط الحياة الذي تعيشه ريم خصوصاً أن الأخيرة تنتمي إلى شريحة واقعية وليست من نسج الخيال.

هل وقعت ريم ضحية المجتمع الذكوري؟

هذا صحيح، ولكن المجتمع الذكوري لا يقتصر على الواقع الذي تعيشه ريم أو الذي يعيشه البدو، فالمجتمع الذكوري موجود أينما كان، شئنا أم أبينا، والمرأة في كثير من البلدان العربية ما زالت محرومة من أبسط حقوقها، علماً بأن نسبة هذا الواقع تتفاوت بين بلد وآخر. لا نزال نعيش في مجتمع لا يزال الرجل يضرب زوجته وابنته، ويحق فيه للرجل ما لا يحق للمرأة.

ولكن ألا تعتقدين أن الكثير من الأعمال الدرامية في عالمنا العربي لا تزال حتى اليوم تضع المجتمع الذكوري في الواجهة وتدافع عنه في العديد من المواقف بطريقة غير مباشرة؟

لا أعتقد ذلك، وأنا شخصياً لم أواجه هذا الأمر في الأعمال التي شاركت فيها خصوصاً تلك التي تحمل توقيع مرشليان التي تشتهر بدفاعها عن المرأة وبانحيازها لها في كلّ كتاباتها.

تقولين دائماً إن كل الشخصيات التي تجسّدينها تشبهك في محلٍ ما. ماذا عن شخصية «ريم»؟

باعتقادي الشخصي كل شخص يشبه الآخر ويتشارك معه صفات معينة، و«ريم» شخصية درامية ولكنها في الوقت نفسه واقعية وبالتالي من الطبيعي أن أشبهها في بعض الطباع. ريم تشبهني كثيراً حين تصل إلى مرحلة تنتفض فيها على الواقع وتصب غضبها وتثور، حين تقول إنه جلّ ما تنشده في آخر لحظات حياتها هو السعادة.

متى تثورين وعلى ماذا تصبّين غضبك؟

أثور على الظلم وعلى كل ظالم، وعلى الأشخاص الذين يحاولون أن يسرقوا منّي تلك اللحظات الصغيرة من السعادة، وأثور على «الخطأ». لا شك في أن كلمة «ثورة» باتت متداولة كثيراً في عالمنا العربي وطبيعية جداً نتيجة الثورات التي نشهدها، وأن نثور هو أمر مهم جداً ولكن يبقى أن كل شخص يختار أن يثور بطريقته الخاصة، فالبعض بالتعبير السلمي والبعض الآخر يختار السلاح للأسف.

كيف تقيمين تعاونك مع المخرجة رشا شربتجي خصوصاً أنها تجربتك الأولى مع مخرجة سورية؟

هو تعاون تطغى عليه حالة من «العشق والغرام» (ضاحكة). هي المرّة الأولى التي أتعاون فيها مع مخرجة امرأة، علماً بأنه سبق وتعاونت مع المخرجة الفلسطينية هبة أبو مساعد في مسلسل «فرصة ثانية»، إلا أنها كانت واحدة من خمس مخرجين وبالتالي لم ترافقني على مدار حلقات العمل، على عكس رشا التي قامت بإدارة كامل العمل. سعيدة جداً بتعاوني مع رشا وسعيدة بأن شركة الصبّاح وقع اختيارها عليها. أثبتت رشا عشقها للنص من خلال الكاميرا، إذ عشقت كل شخصية وأعطت كلّ واحدة منها مساحتها وقيمتها في العمل.

إلى أيّ حد أنت سعــــيــــدة بتـــجربــــتك السيـــــنـــمـــــائـــيّة الأولى فــي فـــيــــــلم «السيدة الثانية»؟

سعيدة جداً، وعلى الرغم من أن الدور مساحته صغيرة إلا أنه يلقي الضوء على موضوع مهم جداً يتعلق بالمرأة، وبالتالي هو موضوع يمسّني ويعنيني أيضاً كوني امرأة. أجسّد في الدور قضية لا يجب صرف النظر عنها ولا يجب أن تمرّ مرور الكرام بعد اليوم، ومن المعيب جداً في يومنا هذا أن نمنع الأم من منح اسمها لأولادها.

كيف كانت ردود الفعل حول هذا الدور؟

إيجابية جداً، والدليل على ذلك الاتصالات التي أتلقاها يومياً من الكثير من الأشخاص الذين يثنون على دوري في الفيلم وعلى أهمّيته إلى جانب الطفلة الصغيرة.

سنتابعك قريباً في ثلاثيّتين من مسلسل «مدرسة الحب». حدّثينا عن دورك في العمل؟

أعتقد أنّني كنت محظوظة في المشاركة بثلاثيتين، وفي الوقوف أمام نجمين أحبهما كثيراً، الثلاثية الأولى مع النجم المصري حسن الرداد والثانية مع النجم السوري عابد فهد. حين تعرّفت عليهما في موقع التصوير زاد حبّي تجاههما خصوصاً أنهما شخصان صادقان ويمتلكان حرفية عالية في العمل، ويمكن القول إنني اكتسبت صديقين جديدين، وما زلت على تواصل معهما.

هل صحيح أنك لا تحبّذين الأصدقاء من داخل الوسط الفنّي؟

هذا غير صحيح، علماً بأنه ليس بالضرورة أن نصبح أعز الأصدقاء لنكون صديقين، فالصداقة بين الأشخاص هي أيضاً تلك المرحلة التي يصبحون فيها مقرّبين أكثر.

هل تفضّلين أن يكون أصدقاؤك المقرّبون من الرجال؟

ليس بالضرورة، فأصدقائي هم من الرجال والنساء على حدّ سواء، ولم أسع يوماً إلى تجنّب الصداقة مع النساء خوفاً من الغيرة أو القيل والقال أو أي أمر آخر.

هل تعرّضت يوماً لخيبة أمل بسبب صداقة ما؟

لا شك في أن المرء يتعرّض لعدد من خيبات الأمل من قبل أصدقائه المقرّبين، وربما من النساء أكثر من الرجال (ضاحكة).

أين باميلا الكيك من مدرسة الحب؟

باميلا «في المدرسة وتحديداً في الصف الابتدائي» (ضاحكة). أعتقد أنه بسبب انهماكي في العمل لا أجد الوقت الكافي للحب ولأبحث عمّن أحب، ففي الوقت الراهن أعيش حالة من العشق والغرام مع الكاميرا والإضاءة.

ولكن الحب يملأ الكثير من الفراغات التي نعيشها في حياتنا؟

هذا صحيح، ولكن أملك مخزوناً كبيراً من الأمور التي ستجعلني أعيش فترة 20 عاماً بدون حب (ضاحكة).

وماذا عن أعمالك المقبلة؟

سأبدأ بتصوير مسلسل جديد سيعرض خلال شهر رمضان، من إنتاج شركة Eagle Films، وبطولة مشتركة إلى جانب ماغي بو غصن ومكسيم خليل.

وهل تفكّرين في خوض مجال الغناء مجدّداً بعد تجربتك الأولى؟

لا أدري، ولكن أريد أن أشير للمرّة الأولى عبر مجلتكم إلى أنني أحضّر لمفاجأة كبيرة جداً بعيداً عن الكاميرا ولكن في مجال الفنّ، على أن تبصر النور قريباً جداً. سأكتفي بهذه التفاصيل، وكل ما أستطيع قوله أن حلماً من أحلامي الكبيرة سيتحقق.

حوار: ريشارد ديب، تصوير: شربل بو منصور, مدير تنسيقي: نيكولا عازار، تنسيق ملابس: خليل زين، مديرة فنية: فرح كريديّة، ماكياج: باسكال زوين من Tess Avenue، تصفيف شعر: عيسى من فاديا المندلق

 
شارك