في دار المسنّات في الرياض

أقرأ في موقع إلكتروني: «تتذكّرون الممثّلة ديّة؟ لو تشوفون كيف صارت بعد ما كبرت في السنّ!». في جدّ يخلّوني أضحك. كلّنا رايحين نكبر في السنّ وتتغيّر ملامحنا. بس كلّ واحدة تعتقد إنّها رايحة تعيش الشباب الدائم. هوّ الأمل كده. في أحيان أحسّ الزمن يتوقّف. أشوف نفسي في المرآة. أراقب إيش تغيّر... كثير حاجات. وحين أشوف نفسي في صور الطفولة أقول إنّي حين كبرت صرت أحلى. وإنت ما تحسين إنّه صور الطفولة لحدّ ثاني ما تعرفينه؟ في اللحظة ديه أشوف الحياة بطريقة ثانية. أدخل لدار الرعاية للمسنّات في الرياض. حاجة مؤثّرة. هنا بيه ضعف ومرض وأحياناً ضياع ذاكرة. بس كمان بيه ابتسامة. المسنّات يجلسون في قاعة الاستقبال. كأنّهم أطفال. في جدّ الإنسان يرجع في النهاية لنقطة البداية. يصير طفل، يحتاج لرعاية واهتمام. مشرفة الدار تشرح إيش يحصل هنا. أحسّ بحاجة ما أعرف إيش هيّ تخلّيني أقف في مكاني. المشرفة تقول: «تفضّلي» وأنتبه إنّه ضروري أمشي. بس قبل كلّ شيّ أريد أتكلّم ويّا المسنّات. اشتريت لهم هدايا. مثل كأنّهم بنات صغار. فرحوا بهداياهم. شكراً يقولون. شعور غريب. مو شفقة، عاطفة... مثل كأنّهم جدّاتي. بيه جدّة تسألني بخجل: «كيفك؟». كأنّها تعرفني. عندها ألزهايمر، تقول المشرفة. قلبي يبتسم وأقول لها: «كويسة وأنت يا جدتي؟». تسوّي حركة برأسها من غير ما تتكلّم. المسنّة اللي جنبي تفتح هديّتها... وشاح يعجبها. تقول: حلو مرّة، أشكرك. أسمع قصصهم من المشرفة. بيه واحدة ما عندها أولاد. والثانية تحسّ هنا بالراحة. في بيت ولدها ما ترتاح. أولاده دوم يصيحون. وأسأل عن المسنّة اللي تلبس اللون الكحلي: «صغيرة. صحّ؟!». والمشرفة تقول لي: «زوجة أخيها ما تريد إنّها تعيش في بيتهم. مطلّقة وما عندها أولاد». أريد أساعد الجدّة ديّة عشان تفتح هديّتها. أيوه... كده. تفرح. الهديّة زجاجة عطر. أقول لها تجرّبها. هنا... وأشير لمعصم يدها. تسوّي مثل ما أقول لها. الرائحة تعجبها. وأنا أفرح. المشرفة تسأل مسنّة تجلس على كرسي متحرّك إذا كانت تحتاج لأيّ شيّ. تقول لي إنّها حضرت للدار من يومين بسّ. جيرانها اتّصلوا وقالوا إنّها تعيش وحيدة. أروّح ويّا المشرفة لمكتبها. قبل كده أقول للمسنّات إنّي رايحة أرجع. يسوّون «مع السلامة» بيدهم. أجلس في المكتب. المشرفة تتكلّم عن كلّ حاجة. هنا يقدّمون للنزيلات كل ما يحتاجون. أسمع إيش تقول بكل حواسي. هنا بيه مدرسة لمحو الأميّة واختصاصيّة اجتماعيّة ونفسيّة وممرّضات وندوات ومحاضرات. وكمان يسوّون الرياضة؟ أسألها وهي تقول: «أيوه نزور النادي مرّة في الأسبوع. ونقدّم لهم 4 وجبات يوميّة... صحيّة طبعاً وتناسب أوضاعهم. ومو بس كده يزورون كمان الملاهي والمطاعم والاستراحات... فعلاً الحياة حلوة في كلّ مراحلها!

اقرئي أيضاً: فـي إفطار فندق هيلتون، أصول العزائم والسهرات الرمضانيّة، “وياك” تقدم أضخم الإنتاجات العربية والهندية المدبلجة في رمضان

 
شارك