ربّة منزل أم امرأة عــاملة

تختلف آراء النساء بين من هنّ مقتنعات بأنّ المرأة العاملة بإمكانها التوفيق بين أسرتها ومهنتها من منطلق تجاربهنّ الشخصيّة أو تجارب نساء في محيطهنّ، وبين أخريات يعتبرن أنّ البيت الزوجي أولويّة، وبالتالي يجب على السيّدة أن تتخلّى عن عملها وتتفرّغ لرعاية أمور منزلها وزوجها وأولادها

الدعم والمساعدة

في هذا الإطار، تقول السيّدة هند (31 عاماً): «تزوّجت منذ نحو 5 سنوات، وأنجبت خلال هذه الفترة طفلين، واستطعت بمساعدة من زوجي، الذي كان من أشدّ الداعمين لطموحي المهني، ومن والدتي، أن أنجح في حياتي الزوجيّة، وأن أستمرّ في عملي وأتقدّم فيه».

تكمل الشابة الثلاثينيّة: «يتمكّن الكثير من السيّدات من التوفيق بين البيت والعمل، وذلك من خلال تقسيم الوقت بشكل صحيح، لا أنكر أنّني تعبت كثيراً، ولكنّني سعيدة في حياتي وأشعر بأنّي عضو فاعل في مجتمعي».

الاحتكاك بالمجتمع

ممّا لا شكّ فيه أنّ احتكاك النساء العاملات بالمجتمع الواسع وتعاملهنّ مع نماذج مختلفة من الناس يخولهنّ التعرّف على طرق جديدة ومبتكرة في تربية الأولاد فيكون الوقت المخصّص للأبناء مثمراً ونافعاً.

معيار التربية

حول هذا الأمر، تقول السيّدة هند: «معيار التربية الصحيحة لا يحدّد بطول الوقت الذي تقضيه الوالدة مع أسرتها، فقد تكون الأم موجودة طوال الوقت في المنزل، ولكنّها منشغلة بالمهام المنزليّة أو باجتماعاتها مع الجارات، أو بمشاكلها مع زوجها، أي أنّها غافلة كليّاً عمّا يحصل في حياة أولادها.ولذلك، فإنّ المهمّ هو إدراك السيّدة للتغييرات الحاصلة في حياة أولادها وتلقّيها الدعم من زوجها والبيئة القريبة منها كأهلها وأهل الزوج.

الحسّ المنطقي

من جهة ثانية، تزداد ثقافة المرأة العاملة ومعرفتها وحسّها المنطقي وابتعادها عن التفكير العاطفي، ما ينعكس إيجاباً على دورها كزوجة، فهي بالإضافة إلى أنّها قد تساعد زوجها ماديّاً في حال لم يكن وضعه ممتازاً من هذه الناحية، تستطيع أن توجّهه بشكل مدروس لاتّخاذ القرارات المصيريّة التي تخصّ حياتهما المشتركة أو تتعلّق بمهنته.

الرجل العائق

يغار بعض الرجال من نجاح الزوجة المهني، فيقفون عائقاً في وجه طموحها ولا يدعمونها، ويمنعونها من العمل، أو يضعون العراقيل في طريقها لكي تترك مهنتها بإرادتها، وهذا الأمر يدفع المرأة أحياناً إلى التخلّي عن وظيفتها.

غياب التعاون

وفي هذا السياق، تقول السيّدة علا (27 عاماً): «لم يطلب منّي زوجي ترك العمل بعد الزواج، ولكنّ تصرّفاته بيّنت لي أنّه غير راغب في أن أستمرّ فيه، فهو لم يدعمني أو يساعدني حين أنجبت طفلي الأوّل، فقد كنت أستيقظ عدّة مرّات في الليل لأُطعم الصغير ولم يمدّ لي يد المساعدة. لم أكن أنام أكثر من 3 ساعات، ففقدت تركيزي في العمل، واخترت أن أستقيل وأتفرّغ لأسرتي».

وقت لا يقدّر بثمن

تكمل السيّدة العشرينيّة: «لم أندم على قراري أبداً، فالوقت الذي أمضيه مع ابني لا يقدّر بثمن.كما أنّ أوضاع زوجي الماديّة جيّدة جدّاً، وبالتالي لا أحتاج إلى تلك الوظيفة، على الأقل ماديّاًَ. كما وأفضّل أن أتركها لامرأة تحتاج إلى هذا المدخول أكثر منّي، ولكن أحياناً أتمنّى لو تابعت في الوظيفة ولو بدوام جزئي، وذلك كي أحقّق طموحاتي واستقلالي المادي من خلالها».

من الطبيعي أن يشــــعر البعــــــض من النـــــساء العامــــــــــــلات بالحنـــــين إلى العــــــــمل بعد ترك الوظـــــــيفة والتفرّغ لشؤون الأسرة، ولكن هـــــــــناك نساء أخريات ينتظرن الزواج بـفـــــــــــارغ الصبر كي يتــــــركن الوظيــــــفة ويقضين أوقاتهنّ في تدبير أمور المنزل.

الانتقال إلى مرحلة جديدة

من بين هؤلاء النساء السيّدة دعد (31 عاماً) التي تقول: «كنت في قمّة السعادة حين تزوّجت وطلب منّي زوجي أن أتفرّغ لبيتي، فقد عملت في وظيفتي لخمس سنوات متواصلة، وقد أحببت كلّ دقيقة فيها، ولكنّني تعبت من الضغط والتوتّر المتواصل الناتج عن تزايد المسؤوليّات. كما أحسست أنّي أعطيت العمل حصّته من حياتي، وأنّه آن الأوان لكي أنتقل إلى مرحلة أخرى، وهي أن أكون ربّة منزل».

مسؤوليّات ربّة المنزل

تضيف الشـــــــابة الثلاثــــــــينيّة: «المســـــؤوليّات التي تتحمّلها ربّة المنـــــــزل لا تقلّ أهميّة أو صــــــعوبة عن تلك التي تقـــــــع على عاتق الـــــــمرأة العاملة، فكيف الحال للنساء اللواتي يقمـــــــن بالأمرين في آن واحد؟ برأيي إنّه أمر شبه مستحيل، وبالنسبة إليّ لا شـــــــيء أهمّ من أن أكـــــون زوجة صالحة وأمّاً ناجحة».

لحظات لا تعوّض

تستطرد السيّدة دعد: «الأمومة ومسؤوليّات الزوجة تحتاج إلى تفرّغ وتركيز كبيرين، كما أنّي أرغب في أن أكون حاضرة في كلّ الأوقات المهمّة في حياة أطفالي، فهل سيعوضني الراتب أو التقدّم الوظيفي عن رؤية ابني وهو يمشي للمرّة الأولى، مثلاً؟ إنّها لحظات لا تقدّر بثمن، وهي أغلى ما في الحياة». يفضّل الكثير من النساء، ولا سيّما الثّريات منهنّ، أن يكنّ ربّات منزل متخليّات عن الطموح المهني، من منطلق أنّ تكوين عائلة يحتاج إلى الكثير من الوقت والتفرّغ، هذا فضلاً عن الإرهاق الكبير الذي يرتبط بالحمل والإنجاب، فكيف الحال لو كانت المرأة مسؤولة أيضاً عن وظيفة تتطلّب التزامها بدوام وأداء مهام محدّدة، ومرهقة جسديّاً ونفسيّاً؟

تساؤل دائم

من الطبيعي أن تراود الشكوك المرأة العاملة المتزوّجة في بعض الأحيان حول إمكانيّة أن تكون مقصّرة بحقّ أسرتها وزوجها، فتضاعف مجهودها لكي تعوّض ذلك النقص قدر المستطاع، وقد تتمنّى لو بإمكانها أن تترك العمل، ولكن أحياناً تغلبها ظروفها الماديّة. من جهة ثانية، فإن ربّة المنزل تتمنّى في أوقات كثيرة أن تكون

موظّفة ويكون لديها طموح مهني يحقّق لها التوازن النفسي ويجعلها فاعلة أكثر في المجتمع. في النهاية، الرضا التام أمر صعب التحقيق، وبالتالي فإنّ القناعة هي التي ستخوّل كلّ سيّدة أن تتقبّل وضعها وتحاول الاستفادة منه قدر الإمكان، وذلك لكي تعيش حياة سعيدة

إقرئي أيضاً: مايا دياب أقدّم فناً مختلفاً عن السائد ، جويل مردينيان أحــب أن ألوّن حيـاتي وحيـــــــاة من حــــــولي ، فساتين نجمات مهرجان دبي السينمائي الدولي

.

 
شارك