أوقات الفراغ ليست زمناً ضائعاً

يحلو لكِ أحياناً أن تجلسي لوحدكِ من دون القيام بأيّ عمل، بضع دقائق وحتى ساعات من الراحة القصوى التي لا يعكّرها أحد أو شيء، ولكن في هذه الأوقات أيضاً، البعيدة عن التعب والإرهاق والضغوط التي لا تنتهي، يصادفك أيضاً مرحلة يبدأ الملل فيها بالتسلّل إليكِ. وتتساءلين أيعود هذا لأنّك لا تستحقّين هذه الدقائق أو الساعات الخاصّة بك أم أنّها تحتاج هي أيضاً لتخطيط وتنظيم؟

 أمرٌ يستحقّ التضحية

الأمر للوهلة الأولى يبدو غير منطقيّ، فكيف تضحّين بساعة أو ساعتين في اليوم للقراءة أو الرياضة أو مشاهدة برنامجك المفضّل، بينما يمكنك أن تدرّسي أولادك مثلاً أو تساعدي والدتك في أعمال البيت أو ترتّبي حديقة منزلك، لكن من الضروري أن تعلمي أنّ حصولك على هذا الوقت الخاص بك، كفيلٌ بأن يزيد من حماسك وطاقتك الإيجابيّة، فتُقبلين باندفاع وسعادة على ما ينتظرك في اليوم التالي.

لا مجال للعودة

ما نعرفه جميعاً، أنّ الوقت يمرّ بشكلٍ سريعٍ جداً، لا ينتظر أحد، بالتالي لا مجال للعودة إلى الوراء أو بالتفكير كثيراً في المستقبل، علينا أن نعيش اللحظة الحاليّة ونستفيد منها إلى أقصى حد، هذا يعني أن ننظّم وقتنا ونوزّع مهامنا بشكل متوازن فلا نترك المجال لموضوع واحد أن يسيطر على تفكيرنا ويحرمنا الاستمتاع بجوانب الحياة المشرقة.

استثمار صحيح

من هذا المنطلق، فإنّ من المهم جداً أن يكون هناك أوقات فراغ، هذا لا يعني قضاء ساعات في تصفّح الفايسبوك أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وإن كانت مهمّة ومطلوبة لوقت قصير يجب ألا يزيد عن نصف ساعة في اليوم، بل أن تستثمري هذا الوقت في تطوير معارفك وتعزيز علاقاتك الاجتماعيّة وتنمية شخصيّتك على مختلف الصعد.

إزالة نقاط الضعف

القيام بهذه الأمور في أوقات فراغك ليس معقّداً أو صعباً، جلّ ما تحتاجين إليه هو العمل على تقليص نقاط الضعف في شخصيّتك، وتحويلها إلى إيجابيّات، فمثلاً لو كنت ممّن يواجهن صعوبة في التواصل في المجتمع العريض بسبب الخجل أو ضعف المعرفة، فاحرصي على القراءة في مختلف المجالات أو حضور جلسات لتعزيز الثقة بالنفس، هكذا تتعرّفين أكثر على ذاتك، وتوسّعين دائرة معارفك، وتتخلّصين مما أزعجك لوقت طويل في نفسك.

قبل فوات الأوان

في هذا السياق، تقول لبنى (27 عاماً): «أدركت في الوقت المناسب أهميّة أن أحصل على وقت فراغ، وصلت إلى مرحلة لا أحمد عليها بعد تخرجي من الجامعة والعمل، خسرت الكثير من وزني وابتعدت عن معظم صديقاتي، كان همّي الوحيد أن أتطوّر في وظيفتي، فأهملت كل شيء آخر سواها».

الإجازة مطلوبة

تكمل الشابة العشرينيّة: «أخذت إجازة طويلة من العمل، وفكّرت في المسار الذي تذهب به حياتي، وعرفت أنّه ليس ما أريده، شعرت بأنّني تعدّيت الأربعين من العمر، فقرّرت أن أتسلّى وأمرح أكثر، وأخفّف من الأعباء التي أحملها، فشبابي لن يعود، هكذا عدت للخروج مع صديقاتي وأجريت دورة تعلّم للماكياج، واشتركت في نادٍ رياضي».

أكثر إنتاجيّة

تستطرد الشابة: «قلبت حياتي خلال شهرٍ واحد، صرت أكثر سعادة وإنتاجيّة، وقد لاحظ كلّ من حولي التغييرات الإيجابيّة في شخصيّتي، إذ تحسّن أدائي في العمل، وانخفضت نسبة الأخطاء التي كنت أقوم بها، لم أعد انفعاليّة وشديدة العصبيّة، واكتشفت أنّ تخصيص وقت لنفسي أهم بكثير من التفاني في خدمة الآخرين، فحين نحب ذاتنا وندلّلها ونفيها حقّها سنكون أكثر تعاوناً وتفاعلاً ونشاطاً مع من حولنا».

بين الامتياز والنقمة

الحصول على وقت فراغ هو امتياز لا تحصل عليه كثيرات، لكنّ قضاءه في أمور غير مفيدة يحوّله إلى نقمة، فالوقت يجب أن يستغلّ بأمور نافعة، فلنقل مثلاً أنّك متعبة ولا ترغبين في أيّ شيء سوى الاستلقاء، هل فكّرت بتعلّم بعض حركات التأمّل أو اليوغا؟ إنّك بهذه الطريقة تحقّقين رغبتك في الراحة، وتوسّعين آفاقك وتصفّين ذهنك وتتعلّمين السيطرة على أعصابك، والتحكّم بانفعالاتك، وفي الوقت نفسه، أنتِ مرتاحة ومسترخية.

خيارات صحيحة

وقت الفراغ هو وقتٌ حر، يمكنك أن تملئيه بأيّ شيء يخطر في بالك، لست مقيّدة أو ملزمة بشيء، وهذه الفكرة مغرية، قد تختارين الجلوس لساعات أمام شاشة التلفزيون، لكن هل فعلاً تريدين الدخول في حالة الجمود الفكري التي ستصابين بها من كثرة مشاهدته؟ بالتأكيد لا، إذاً لماذا لا تتّخذين الخيارات الصحيحة؟

دوّامة الخمول

من فوائد أوقات الفراغ أنّها تقلّص من قوّة التوتّر النفسي الذي يصيبنا بسبب ازدياد المسؤوليات والأعمال، لكن من المهم أن نستفيد منها ونستغلّها لكي لا ندخل في دوامة الخمول ونسمح للأفكار السلبيّة بالتسلّل إلى حياتنا.

الهوايات القديمة

في هذا الإطار، تقول لمى (29 عاماً): «كنت أقضي أوقات فراغي في المشاوير مع صديقاتي إلى المطاعم والمراكز التجاريّة، كانت أحاديثنا سطحيّة ولا تحمل أيّ جديد، وأحسست بعد فترة بأنّني لم أعد سعيدة، لذلك قرّرت أن أعود إلى ممارسة هوايتي القديمة وهي القراءة، فركّزت على الكتب التي تساعدني في فهم ذاتي ومعرفة قدراتي وفهم من حولي والتعامل معهم بشكل أفضل».

نشاطات مسلّية

من الضروري أن تكون النشاطات المختارة لأوقات الفراغ مسلّية، تجلب السرور والراحة للنفس. فالهدف منها هو التخفيف من أعباء الحياة ومسؤولياتها. ولذلك نقترح عليكِ 4 نشاطات تستفيدين من خلالها من أوقات فراغك:

1 - القيام بنشاطات خيريّة

في وقت فراغك، قومي بترتيب خزانة ملابسك وتبرّعي بما لم تعودي ترتدينه منها إلى الفقراء، زوري دور الأيتام واشتري هدايا للأطفال فيها، وستشعرين بسعادة كبيرة وتقدّرين النعم التي تعيشين فيها.

2 - جلسات المصارحة مع الصديقات

الفضفضة مفيدة جداً وهي علاج للكثير من الأزمات النفسيّة، فبدلاً من الذهاب إلى طبيب نفسي، استفيدي من صديقاتك المقرّبات وتحدّثي عن كلّ ما يزعجك.

3 - السفر

من أكثر التجارب التي تثري النفس والروح وتعود بالمنفعة النفسيّة هي تجربة السفر، من غير الضروري أن تغادري البلاد، بل ابحثي عن وجهات لم تتعرّفي عليها بعد في بلدك، واذهبي مع أشخاص عزيزين عليك وترتاحين بالتواجد معهم.

اقرئي أيضاً: عادات يوميّة تزيدك سنّاً، وجباتك الغذائيّة بعيداً عن السكّر، نظام غذائي يفقدك الوزن ويحافظ على صحتك

 
شارك