للتذكارات حكايات خاصّة تعرّفي عليها

لا يختلف اثنان على أهميّة التذكارات التي تبتاعينها خلال أسفارك، فهي عنصر أساسي يعيدك بالذاكرة إلى أجمل اللحظات التي عشتها في هذا البلد أو ذاك، ويعكس ثقافة الدولة أو المدينة التي زرتها. ولكن هل تساءلت يوماً عن سرّ كل تذكار تشترينه وعن سبب حثّك لشراء هذه القطعة من دون سواها؟ إليك سيّدتي مجموعة من التذكارات التي لا بدّ لك من ابتياعها وإحضارها إلى وطنك الأمّ والقصّة التي تكمن وراء كل واحد منها!

كرة الثلج... القطعة الأكثر شعبيّة

من منّا لا تمتلك في منزلها كرة ثلج أو ما يُعرف باسم Snow Globe، فهي تشكّل تذكاراً أساسيّاً نصادفه في غالبيّة البلدان التي نزورها إن لم نقل جميعها. لكن هل تعلمين متى وأين ظهرت أوّل كرة ثلج ومن الذي ابتكرها؟

من أجل وضع حدّ لتساؤلاتك الكثيرة ما عليك سوى توضيب حقيبة سفرك والتوجّه إلى النمسا، وتحديداً إلى متحف كرى الثلج في فيينا حيث ستتعرّفين عن كثب على أصول صناعة أحد أكثر التذكارات رواجاً في العالم!

اقرئي: دبي…زيارة ممتعة برفقة أطفالك

بدأت قصّة كرة الثلج خلال القرن الماضي في فيينا حين طلب أحد أطبّاء الجراحة من Erwin Perzy، وهو فنّي متخصّص في المعدّات الطبيّة جعل المصباح الكهربائي في غرفة العمليّات أكثر سطوعاً. فلم يكن أمام Perzy سوى أن يستوحي فكرته من صانعي الأحذية الذين كانوا يملؤون كرة بالماء ويضعونها أمام الشمعة لمضاعفة الإضاءة. وللحصول على النتيجة المطلوبة، قام Perzy بملء كرة الماء في بادئ الأمر بالحلى المزخرفة، ثمّ بالحصى البيضاء، إلّا أنّ هذه الفكرة فشلت قبل أن تبصر النور حتى، ولكنّ Perzy تأثّر بها لا سيّما بالحصى البيضاء التي ذكّرته بمنظر تساقط الثلوج.

متى تمّ ابتكار أوّل Snow Globe؟ صنع الفنّي النمساوي أوّل كرة ثلج عندما طلب منه أحد الأصدقاء أن يبتكر له مجسّماً صغيراً، فاستجاب لطلبه، ثمّ قرّر وضع المجسّم داخل كرة زجاجيّة تحتوي على الماء والحصى البيضاء. وبين عامي 1900 و1905، قام Erwin Perzy بصنع عدد كبير من كرات الثلج لمجسّمات صغيرة مستوحاة من العديد من المعالم والمناظر الطبيعيّة، وقد استعان في صنعها بعدد من المواد البيضاء ومنها الثلج الاصطناعي، ليُقدم بعد ذلك على افتتاح مصنع Perzy لكرى الثلج محقّقاً نجاحاً كبيراً.

وفي العام 1908 لفت ابتكار Perzy انتباه إمبراطور النمسا الذي قدّم له جائزة تقديريّة لتصبح كرة الثلج أشهر من نار على علم!

الآن وبعد أن تعرّفت على السرّ الكامن وراء شهرة هذا التذكار، سيكون من الصعب عليك مقاومته أثناء زيارتك للنمسا التي تنتج سنويّاً حوالى 200 ألف كرة ثلج مختلفة، واللافت أنّ كل الكرات مرسومة باليد. وفي حال كنت ترغبين في ابتكار مجسّم من اختيارك الشخصي، ننصحك بالتوجّه إلى مصنع Perzy الذي يديره حفيد Erwin Perzy، فهو الوحيد القادر على تحقيق رغبتك هذه!

دمية الـMatryoshka...   تذكارك المثالي من روسيا

في حال كنت تخطّطين للقيام برحلة إلى روسيا، تذكّري قبل كل شيء أنّ دمية الـMatryoshka الخشبيّة تشكّل تذكاراً أساسيّاً يجب إدراجه ضمن قائمة المشتريات التي ستبتاعينها أثناء جولاتك السياحيّة. ولكن لماذا عليك شراء هذا التذكار بالذات؟ ما معنى اسم Matryoshka؟ ما الذي يرمز إليه؟ ومتى صمّم للمرّة الأولى؟ بالطبع كل هذه الأسئلة طرحتها على نفسك وربّما حاولت إيجاد إجابات عنها من خلال تصفّح الإنترنت. غير أنّ ما لا تعرفينه عن دمية الـMatryoshka التي تحتوي في داخلها عادة على سبع دمى خشبيّة بأحجام متناقصة بحيث إنّ الكبرى تحوي الأصغر منها، هو أنّها تُعرف أيضاً باسم Babushka وأنّه يتمّ تنفيذها يدويّاً، الأمر الذي يجعلها فريدة من نوعها وبالتالي من المستحيل أن تصادفي دميتي Matryoshka متشابهتين لا تفوتي ق

اقرئي المزيد: زوري 5 مواقع تصويـر أفلام وكوني نجمتها الاستثنائيّة

ويشتقّ اسم Matryoshka من Matrëna، وهو اسم علم مؤنّث مشتقّ بدوره من الكلمة اللاتينيّة Matron التي تعني الأمّ، علماً أنّ الحرفي Vasilij Petrovič Zvézdočkin قام بتنفيذ أوّل دمية من هذا النوع في العام 1892. وقد اعتبر البعض أنّه استوحى شكل الدمية من لوحة الرسّام الشهير Sergéj Vasíl’evič Maljútin.

متى خرجت أوّل دمية Matryoshka إلى الضوء؟ تمّ الكشف عن هذه القطعة للمرّة الأولى في متحف خاصّ بالـMatryoshka الروسيّة في العاصمة موسكو، وفي العام 1900 تمّ عرض الدمية في المعرض الدولي في باريس حيث حقّقت نجاحاً لافتاً لتشهد مع الوقت تطوّراً ملحوظاً من خلال سعي الحرفيّين إلى ابتكار أنواع مختلفة منها على شكل شخصيّات مستوحاة من القصص الخياليّة ومن وجوه تاريخيّة وسياسيّة مثل لينين وغورباتشوف والرئيس الروسي الحالي بوتين.

رموز كثيرة تحملها دمية الـMatryoshka، فهي تدلّ على الخصوبة والأمومة وعلى روسيا نفسها، كما أنّها تمثّل حياة كل واحد منّا، فنحن نشبه الدمية الكبيرة التي تحتوي على عدد من الدمى الصغيرة، في دلالة على تجاربنا الحياتيّة وعلاقاتنا الاجتماعيّة والعاطفيّة وغيرها...

كل هذه التفاصيل آنفة الذكر ستشجّعك حتماً على شراء واحدة من هذه الدمى الاستثنائيّة، لذا ننصحك بالتوجّه إلى سوق Izmaylovskaya في شمال موسكو حيث ستصادفين الكثير منها. اختاري الدمية التي تناسبك وتأكّدي من أنّها ستكون هديّة مثاليّة لصديقاتك وتذكاراً يرافقك مدى العمر.

تعرّفي على أسطورة Barcelos Rooster

تمتلك البرتغال الكثير من المعالم السياحيّة التي تجعلها إحدى الوجهات الأساسيّة في أوروبا، لكن كثيرات منّا لا يعلمن أنّ هذا البلد الأوروبي يحتضن أحد أهمّ التذكارات التي يتهافت السيّاح على شرائها، ألا وهو «ديك بارسيلوس». لا شكّ في أنّك تساءلت أكثر من مرّة عن السرّ الكامن وراء شهرة هذا التذكار الذي أصبح رمزاً وطنيّاً للبرتغال، علماً أن القصّة التي تدور حوله هي مجرّد أسطورة تعود إلى القرن الخامس عشر في بلدة بارسيلوس حيث وقعت جريمة غامضة ومروّعة دفعت أهالي البلدة إلى إعلان حالة طوارئ. وتقول الأسطورة إنّ حاجّاً من القرية المجاورة دخل البلدة ليوفي وعداً كان قد قطعه خلال رحلة حجّ سابقة، إلّا أنّ سلطات بارسيلوس ألقت القبض عليه متّهمة إيّاه بارتكاب الجريمة فحُكم عليه بالإعدام شنقاً. وقد طلب الحاجّ من السلطات مقابلة الحاكم، وحين دخل بيت الأخير الذي كان يقيم مأدبة على شرف الأصدقاء، نظر إليه مؤكّداً براءته قبل أن يشير بإصبعه إلى مائدة الطعام وتحديداً إلى طبق الديك المشوي معلناً أنّ هذا الديك سيُثبت براءته إذ إنّه سيصيح لحظة تنفيذ الحكم عليه، ولكنّ الحاكم تجاهل هذا الأمر وسخر منه مع العلم أنّه وضع الديك جانباً ولم يتناوله. وهذا ما حصل فعلاً لحظة تنفيذ الحكم على الحاجّ، الأمر الذي دفع الحاكم إلى التنبّه إلى الخطأ الذي ارتكبه والإسراع لإنقاذه من حبل المشنقة. وعلى الرغم من أنّ هذه الأسطورة هي التي يتمّ تداولها رسميّاً في البرتغال، إلّا أنّه ثمّة قصص أخرى تتعلّق بـ«ديك بارسيلوس» الأسطوري.

اقرئي أيضاً: منتجعات صحيّة تدلّلك هذا الخريف

لذلك، لا تتردّدي في شراء هذا التذكار الجميل المصنوع من السيراميك ليرافقك إلى وطنك الأمّ، فهو متوفّر في كل متجر تصادفينه أثناء جولاتك السياحيّة. أمّا ألوانه، فهي دوماً زاهية إذ يُقال إنّها تجسّد حبّ البرتغاليّين للحياة.

الحمار القبرصي...رمز الذكاء والتحمّل

لا يختلف اثنان على أنّ قبرص تُعتبر الوجهة المثاليّة إن كنت تبحثين عن الراحة والاستجمام تحت شمس البحر الأبيض المتوسّط، ولكن ما لا تعرفينه ربّما عن هذه الجزيرة الرائعة هو غناها بالتذكارات التقليديّة التي يشكّل بعضها رمزاً أساسيّاً لهذا البلد الصغير الذي يستقطب سنويّاً آلاف السيّاح من حول العالم. فخلال جولتك في أرجاء الجزيرة ستتفاجئين بتهافت الزوّار على شراء مجسّم لحمار يحمل على ظهرة المؤن من محلّات التذكارات. ولكن لماذا يُعدّ هذا التذكار الأكثر شعبيّة في قبرص؟ بكل بساطة لأنّ قبرص تشتهر بتربيتها للحمير منذ عقود، وتحديداً منذ الاستعمار البريطاني الذي خلّف وراءه أكثر من 25 ألف حمار كانت متواجدة في حظائر القوّات البريطانيّة. ويشير القبارصة إلى أنّ هذا الحيوان يتميّز بارتفاع معدّل ذكائه مقارنة مع أقرانه في اليونان وتركيا، كما أنّه يُعتبر الأقوى والأذكى والأكثر قدرة على التحمّل والدليل على ذلك استعانة القوّات العسكريّة به خلال مواجهاتها على مرّ التاريخ داعماً وحاملاً على ظهره أسلحة ومؤناً، فالحمار القبرصي يحمل ويتحمّل ويسير بين الجبال من مرّة إلى خمس مرّات يوميّاً !

لتوليب هولندا حكايته أيضاً

تشتهر أمستردام بالعديد من التذكارات التي تحمل في طيّاتها رموزاً عديدة أو قصّة تاريخيّة تمّ تداولها على مرّ العصور، ولعلّ أشهرها زهرة التوليب التي تُعتبر من الرموز الأساسيّة للسياحة في هولندا والتي لا تزال تحتفظ بمكانة خاصّة في قلوب الهولنديّين.

هذه الزهرة التي ستصادفينها أينما تواجدت في هولندا وخصوصاً في أمستردام، ترجع إلى القرن السادس عشر حين تمّ استيرادها من الإمبراطوريّة العثمانيّة، وهو الأمر الذي دفع Carlo Clausius في العام 1592 إلى إصدار أوّل كتاب رائد عن أزهار التوليب، فحازت هذه الأخيرة على شعبيّة كبيرة بفضله إلى درجة أنّ حديقة Carolus التي تزخر بها تعرّضت للسرقة أكثر من مرّة. وقد شهدت هذه الزهرة ازدهاراً ملحوظاً مع تطوّر عصر هولندا الذهبي، فأصبحت مصدر إلهام للعديد من الرسّامين الذين استخدموها في لوحاتهم، كما أنّها كانت ولا تزال نجمة العديد من المهرجانات. وفي منتصف القرن السابع عشر، أصبحت زهرة التوليب أكثر شعبيّة، إذ شهد الاقتصاد الهولندي ولادة ما عُرف بالـTulipomania. فقد استخدمها المواطنون كعملة نقديّة يتداولونها في الأسواق بسبب ارتفاع ثمنها بشكل كبير.

ولا تزال هولندا حتى اليوم مصدراً أساسيّاً للتوليب وغيرها، حتى إنّ كثيرين حول العالم أطلقوا على هذه الدولة اسم «سوق الأزهار العالمي». وأثناء جولتك في أرجاء هولندا، ستصادفين الكثير من حقول التوليب الرائعة، كما ستتاح لك فرصة حضور عدد من مهرجانات التوليب التي تقام في كل أنحاء هولندا إن كنت تخطّطين لزيارة البلاد خلال فصل الربيع. وكي تحصلي على الزهرة الهولنديّة الأصيلة، ننصحك بالتوجّه إلى Keukenhof، الحديقة الأكبر في العالم. أمّا في حال أردت الحصول على مجسّمات توليب صغيرة أو كبيرة، فتوجّهي إلى محلّات التذكارات واشتري منها ما يناسبك خصوصاً أنها تشكّل أكسسواراً هولنديّاً جميلاً لديكور منزلك.

 
شارك