هل تضربين طفلك؟ لا تفعلي بعد الآن.

كريستيل زيادة-بيروت
إن كانت العصا طريقة تقليديّة قديمة لمعاقبة الأطفال، فلا يزال ضرب الصغار على مؤخّرتم وسيلة يلجأ إليها العديد من الأهل في أيامنا هذه. فهل نعتبر هذه الوسيلة جزءاً لا يتجزّا من التربية أم يجب اعتماد طرق أخرى لمعاقبتهم؟
يعود ضرب الأهل أطفالهم على المؤخّرة في معظم الأحيان إلى استيائهم الشديد وعدم قدرتهم على السيطرة على تصرّفاتهم. غالباً ما ينتاب الوالدين شعور بالذنب بعد ضربه، فيلاحظ الطفل الأمر على الفور، وبالتالي يجد صعوبة في التمييز بين الصح والخطأ في تصرّفاته ولا يأخذ سلطتهما على محمل الجد. وقد يُخفى على كثيرين أنّ الطفل في سنوات عمره الأولى لا يستطيع استيعاب بعض القواعد وبالتالي لا ينفع ضربه. وحين يلجأ الأهل إلى ضربه على مؤخّرته باستمرار، سيشعر الصغير بذعر شديد ولن يجرؤ على القيام بأي تصرّف وسينغلق على نفسه. لا شك أنّ العقاب قد يكون ضروريّاً أحياناً كي لا يكرّر الطفل أخطاءه، لكنّ ضربه على مؤخّرته أو الإفراط في معاقبته قد يؤدّي إلى غرس شعور بالقلق والكبت لديه، كما أنّه دليل واضح على فشل الأهل في تربيته. لذا تعرّفي على أفضل الأساليب التي يجب اتّباعها كي لا يتحوّل طفلك إلى شخص عدواني يعصي الأوامر ويتمرّد عليها.

الضرب رسالة تربوية خاطئة
يتأثّر الأطفال بمحيطهم ويقتدون بأهلهم ويقلّدون حركاتهم. لذا، فإنّ ضربهم على المؤخّرة يُعدّ نوعاً من العنف الذي إن تعرّض له الطفل، سيظنّ أنّه أمر طبيعي يحصل في كل مرّة نتيجة لتوتّر الأهل واستيائهم، وقد يقوم بالتصرّف نفسه حين يقدم أيّ شخص على إثارة غضبه. من الضروري أن يتعلّم الطفل كيفيّة حلّ مشاكله بالكلام والتفاوض، كما يجب أن يعلم أنّه لا يستطيع استخدام قوّته الجسديّة مع أشقائه الذين يصغرونه. يؤكّد الاختصاصيّون أنّ معاقبة الطفل بضربه على مؤخّرته أمر مرفوض لأنّه يزيد من عدوانيّته ويخفّف من ثقته بنفسه، وقد يؤدي إلى توتّر العلاقة بين الأهل والطفل. فضلاً عن ذلك، يربط الاختصاصيّون ضرب الأهل لأطفالهم باعترافهم الضمني بالضعف وعدم قدرتهم على الاستماع لهم وفرض سلطتهم عليهم بهدوء. يخطئ الأهل الذين يظنّون أنّ الضرب على المؤخّرة أسلوب تربوي مناسب، لأنّ الطفل الذي يستجيب لأوامر والديه يخضع لها بسبب الخوف وليس لأنّه فهم الدرس. أما حين يتمادى الأهل أحياناً في العقاب، فلا يقتصر الضرب على الموخّرة وحسب إنما قد يصبح مؤذياً جدّاً.

الماضي ينعكس على الحاضر
قد تكون معاقبة الأطفال في بعض الأحيان نتيجة لانعكاس طريقة التربية التي تلقّاها الأهل في صغرهم، لكنّ وسائل العقاب تبدّلت مع مرور السنين لتتماشى مع التطوّر اليومي الذي نعيشه. فالضرب يعلّم الطفل الخوف من والديه، لذا يجب عليهما ألا يتأثّرا بتربية أهلهما التقليديّة والتي تتجسّد بوسائل الضرب العنيفة، وعليهما اللجوء إلى طرق العقاب السلسة التي تدخل العقل بهدف السيطرة على تصرّفات الطفل السيّئة ولفت انتباهه إلى أخطائه فلا يعاود ارتكابها.

بعيداً عن الأسلوب البدائي
العقوبة بالضرب وسيلة مضرّة تزيد من نسبة المشاكل السلوكيّة لدى الطفل، كما أنّها تؤثّر سلباً على نموّه الفكري والجسدي، لذا ابتعدي عن هذا الأسلوب البدائي واعتمدي الخطوات التالية:
- طبّقي أساليب العقاب فوراً ولا تؤجّليها كي يدرك طفلك خطورة الخطأ الذي اقترفه. أمّا إن اعترف بذنبه، فحاولي التخفيف من وطأة القصاص.
- اشرحي له سبب عقابه كي يتعلّم من أخطائه ولا يعيدالكرّة في المرّة المقبلة، وحاولي معرفة الدوافع الخفيّة التي أودت به إلى القيام بتصرّفات خاطئة.
- لا تتوعّديه بعقاب من أبيه لدى عودة هذا الأخير من العمل، لأنّك بهذه الطريقة ستحوّلين صورة الوالد إلى شرطي صارم مهمّته فرض العقاب فقط.
- تجنّبي استخدام بعض العبارات شأن «لن أحبّك» و«أنت لست ابني»، لأنّ طفلك يصدّق كلّ كلمة تقولينها لا سيّما عندما يكون صغيراً في السن.
- احذري تهديده بعقاب غير منطقي شأن «سأقطع لك لسانك إن كذبت مجدّداً»، لأنّ الطفل يأخذ الكلام بحرفيّته وسيخاف منك ومن تهديداتك العنيفة له.
- احرميه من أمر يحبّه شأن تناول الحلوى أو التسلية بإحدى ألعابه المفضّلة. أمّا إن كان قد تجاوز سنّ العاشرة، فباستطاعتك حرمانه من المصروف ليتذكّر هذا العقاب القاسي الذي تلقّاه كلّما أوشك على اقتراف الخطأ ذاته مرّة أخرى.
- لا تعمدي أبداً إلى معاقبة طفلك أمام أصدقائه أو أفراد الأسرة. أما إن حصل على علامة متدنّية في المدرسة، احذري اللجوء إلى الضرب لأنّك بهذه الطريقة لن تساعديه على المضي قدماً في تعزيز جهوده المدرسيّة.
- إن شعرت باستياء شديد ولم تتمكّني من السيطرة على تصرّفاتك، اطلبي من طفلك دخول غرفته لبعض الوقت حتى تستعيدي هدوءك.
قبل أن تعاقبي طفلك، تأكّدي جيّداً من اختيار العقاب المناسب الذي من شأنه أن يحسّن سلوكه من دون أن يسيء إلى شخصيّته أو مشاعره، واحرصي على تغيير نوع العقاب إن لم يجدِ العقاب الأوّل نفعاً في تحقيق الهدف منه.

الاعتذار ضرورة
في حال لم تتمكّني من السيطرة على تصرّفاتك، وقمتِ بضرب طفلك على مؤخّرته بشكل غير إرادي وندمت بعد ذلك على فعلتك، يجب أن تعتذري منه. أما حين تجدين في بعض الأحيان أنّه لا مفرّ من صفعة بسيطة على المؤخّرة كي يطيعك، فمن الضروري أن تشرحي له الأسباب التي دفعتك إلى القيام بذلك وإلا ستكون الصفعة من دون أي قيمة تعليميّة.

 
شارك