حياتك مميّزة بعيداً عن الرقميّة

بات الانفصال عن التكنولوجيا والرقميّة المحيطتين بنا من كل جانب شبه مستحيل بالنسبة إلى كثيرات منّا. فلو حدث وخرجنا من المنزل من دون هاتفنا المحمول، نشعر بضياع لا يوصف، ولو لم نتحقّق من حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي طوال النهار، ينقصنا شيء ما.

آثار سلبيّة

لهذه العلاقة الوطيدة التي تربطنا بالعالم الرقمي آثار سلبيّة على صحتنا الجسديّة والعقليّة، لا سيّما إن عجزنا عن وضع حدود لها. وفي هذا السياق، نشير إلى نتائج عدد من الدراسات التي أكّدت أنّ مواقع التواصل الاجتماعي تعزّز النرجسيّة وأنّ الهواتف المحمولة تسبّب الأرق والشاشات الإلكترونيّة تخفّف من العاطفة، لا سيّما لدى الأطفال. انطلاقاً من ذلك، لا بدّ من معرفة الحدود في ما يتعلّق بالاستعمال الرقمي.

اقرئي: كيف تنظّمين يومك لتكوني أكثر إنتاجية؟

الديتوكس الرقمي

الديتوكس الرقمي هو التخلّص من السموم والأضرار الرقميّة التي تنجم عن تعرّض الشخص المستمرّ للتكنولوجيا الحديثة، بما فيها الحاسوب والهاتف المحمول وغيرهما. ويتمّ ذلك من خلال الابتعاد عن استخدام الأجهزة الإلكترونيّة لفترة معيّنة من الوقت. وقد أكّد الاختصاصيّون على أهميّة الديتوكس الرقمي، لا سيّما أنّ تعاملنا مع التكنولوجيا بات متواصلاً اليوم ما يؤثّر سلباً على نواحٍ كثيرة من حياتنا، بدءاً من أنفسنا من خلال التأثير على قدرتنا على التركيز والتذكّر مثلاً.

لذلك...

لاتّباع الديتوكس الرقمي من وقت إلى آخر فوائد وآثار إيجابيّة كثيرة سنطلعك عليها في ما يلي. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ اختيار اتّباعه في إحدى رحلاتك أو أسفارك يعتبر فكرة رائعة، لا سيّما أنّك تبحثين عن الابتعاد عن هموم اليوميّات وازدحام المسؤوليّات.

علاقات اجتماعيّة أعمق

حين نلتقي بأفراد جدد اليوم، نسارع إلى البحث عن حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدلاً من التعرّف إليهم عن كثب، نغوص في تفاصيل حياتهم من خلال صور وفيديوهات نشروها. غير أنّ التخلّي عن التكنولوجيا لبعض الوقت يساعد في اكتشاف حقيقة الأفراد من حولك بعيداً عن تفاصيل رقميّة قد تكون خادعة أحياناً.

المزيد: كيف تستفيدين من المشاكل في العمل بطريقة إيجابية؟

تواصل وتفاعل إضافيّان

دخلت صديقتك المقرّبة إلى غرفتك، فما كدت ترفعين رأسك نحوها حتى عدت إلى شاشة هاتفك تتصفّحين أحد المواقع الإلكترونيّة. غير أنّك حين تبتعدين عن التكنولوجيا، تتغيّر مسار الأمور: دخلت صديقتك المقرّبة إلى الغرفة حيث تجلسين، فبادرت إلى استقبالها بترحاب وإلى دعوتها لمشاركتك جلستك. نعم، فالتخلّي عن أجهزتنا يساعدنا على تعزيز تفاعلنا مع محيطنا ويعزّز جوهر علاقاتنا. فبدلاً من التركيز الكلّي على هواتفنا الخاصة، لا بدّ من الغوص في أحاديث تزيد درايتنا وثقافتنا وتجذب الأخريات إلينا أكثر.

قامة مستقيمة

يحسّن الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونيّة لبعض الوقت وضعيّة الجسم. فبدلاً من النظر إلى الأسفل دائماً وخفض الكتفين، تبدو قامتك مستقيمة مع كتفين جالسين ورأس مرفوع للنظر مباشرة إلى عيون من تلتقين بهنّ. ولا شكّ في أنّ هذا الأمر ينعكس إيجاباً على صحّة الجسم وتحديداً الظهر والعنق.

محادثات أكثر

بات موقع Google صديقاً دائماً لنا، فهو يجيب على أيّ تساؤل أو سؤال يراودنا. فحين تحتاجين إلى معرفة تفصيل ما أثناء عملك في المكتب، لا تسألين زميلتك إنّما تبادرين إلى البحث عن الإجابة على هذا الموقع الإلكتروني. وانطلاقاً من ذلك، نستخلص تأثير العالم الرقمي على المحادثات التي تعزّز تفاعلنا مع الآخرين. لذلك، يتيح لك الابتعاد عن التكنولوجيا فرصة التفاعل مع الآخرين، علماً أنّه يسمح لك أيضاً بالتعرّف على مختلف وجهات النظر والاطّلاع على الآراء المتنوّعة، ما ينعكس إيجاباً على طريقة تفكيرك.

لا لمشاكل الذاكرة

لو حاولت اتّباع الديتوكس الرقمي وتخلّيت عن الأجهزة الإلكترونيّة التي ترافقك عادة، تأكّدي من أنّك ستلاحظين تحسّناً في ذاكرتك بعد أيام قليلة. نعم، لن تواجهي أيّ صعوبة مثلاً في تذكّر أسماء أقارب بعيدين أخبرتك عنهم والدتك ولن تضطرّي إلى بذل أيّ مجهود لاستعادة أيّ تفصيل كان. فقد أكّد علماء الأعصاب في دراساتهم أنّ سبب تحسين الذاكرة هذا يعود إلى حضور الأشخاص الفعلي في محيطهم وفي الأحاديث التي يجرونها وفي التجارب التي يعيشونها، فتكون أدمغتهم قادرة على معالجة المعلومات الجديدة وتخزينها بسهولة أكبر. أمّا حين تستخدمين أي جهاز إلكتروني، يتشتّت انتباهك عن تفاصيل كثيرة قد يكون بعضها مهمّاً أحياناً.

اقرئي أيضاً: كيف تعزلين نفسك عن مشاكل محيطك

تحسين نوعيّة النوم

لا يعني التخلّي عن الأجهزة الإلكترونيّة أنّك ستحصلين على ساعات نوم أكثر، بل أنّ نوعيّة نومك ستتحسّن أي أنّك ستشعرين براحة أكبر وستستعيدين حيويّتك بشكل أفضل. وفي هذا الصدد، أشار الخبراء إلى أنّ ضوء الشاشة يوقف إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالنعاس والرغبة في النوم. وبالإضافة إلى ذلك، لا بدّ من تسليط الضوء على الدراسات التي أكّدت أنّ أؤلئك الذين يستخدمون هواتفهم قبل النوم لا يحصلون على نوعيّة راحة جيّدة.

الاسترخاء الدائم

هل تعلمين أنّ الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونيّة والتكنولوجيا يساعدك في تعزيز شعورك بالسلام الداخلي والاسترخاء؟ وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الخطوة تجنّبك أيضاً التوتّر الدائم، إذ لا تضطرّين إلى الإجابة على الرسائل التي تصلك باستمرار أو الردّ على الاتّصالات التي تتلقّينها.

تغييرات من دون تردّد

تأكّدي من أنّك حين تبتعدين عن العالم الرقمي لوقت معيّن، تكتسبين آفاقاً جديدة وتتيحين لنفسك فرصة إدخال بعض التغييرات على حياتك. ويكون ذلك بفضل تركيزك الذي ينصبّ على نواحي يوميّاتك، فقد تتّخذين قرارات هامّة تتعلّق بتغيير العمل أو تبديل منحى علاقاتك أو حتى قرارات أخرى تتعلّق بالصحّة وممارسة الرياضة. فمع تجنّب الأجهزة الإلكترونيّة لبعض الوقت، يزيح انتباهك عن الشاشة ليتركّز على بعض الأمور التي امتنعت عن تغييرها سواء في حياتك الشخصيّة أو الاجتماعيّة أو المهنيّة.

الابتعاد عن تعدّد المهام

من أكثر الأجهزة الإلكترونيّة التي تستخدمينها الهاتف المحمول، ويكون ذلك في معظم الأوقات. غير أنّ هذا يعني قيامك بمهام متعدّدة في الوقت ذاته. فكم من مرّة أمسكت هاتفك وأنت تعملين أمام مكتبك، فانقسم تركيزك بين مهمّتين اثنتين ألا وهما قراءة رسالة وصلتك وإنجاز المشروع الموكل إليك. انطلاقاً من ذلك، يجنّبك الابتعاد عن التكنولوجيا تعدّد المهام، ما يعني ضمان جودة أفضل لكل خطوة تقومين بها.

ماذا عنّي؟

بعد أن اطّلعت على فوائد الديتوكس الرقمي المتعدّدة، لا تتردّدي في اختبار هذه التجربة الجديدة. ويمكنك ذلك في أقرب فرصة ممكنة، كفي عطلة نهاية هذا الأسبوع أو في أوّل رحلة ستقومين بها سواء بمفردك أو مع العائلة أو مع الصديقات. وتأكّدي من أنّك ستلمسين النتائج الإيجابيّة بعد بضعة أيام وستتوقين إلى تكرار التجربة ذاتها كلّما سنحت لك الفرصة لتعزّزي شعورك بالراحة الداخليّة كما وصحّتك الجسديّة. هيّا جهّزي نفسك وانطلقي في عالم بعيد عن التكنولوجيا والرقميّة!

 
شارك