حنين صابر: فلسفتي بسيطة ومعقّدة

دراستها لتاريخ الفنّ والعمارة الإسلاميّة واكتشافها لقطع ثمينة منسيّة في خبايا المكتبة البريطانيّة جعلاها تختار طريق تصميم المجوهرات لإعادة إحياء هذه القطع. إنّها مصمّمة المجوهرات السعوديّة حنين صابر التي تغوص في معالم الحضارات الخاصّة بالعصور القديمة، وتبتكر قطعاً ذات تفاصيل دقيقة. اكتشفي أكثر فلسفة عملها من خلال هذا اللقاء الخاصّ.

كيف اكتشفت شغفك بالمجوهرات؟

في الحقيقة، بدأت أهتمّ بتصميم المجوهرات خلال إقامتي في إنكلترا. فقد عشت في لندن لسنتين فيما كنت أتابع دراستي للحصول على شهادة الماجستير في تاريخ الفنّ والعمارة الإسلاميّة في جامعة SOAS، لكنّني لم أطمح يوماً إلى أن أصمّم المجوهرات على الرغم من أنّني لطالما أحببت الأحجار الكريمة. وكنت قد تخصّصت في هذا المجال كي أتمكّن من إعادة ترميم مبنى قديم في مدينتي جدّة القديمة في المملكة العربيّة السعوديّة لأحوّله إلى فندق صغير. ولكن، في إحدى زياراتي للمكتبة البريطانيّة، وكوني طالبة، سُمح لي بالدخول إلى غرفة خاصّة تُعرض فيها القطع والكتب النادرة. فلفتت نظري مخطوطة قديمة للقرآن الكريم والأكسسوارات التي تزيّنها والإضاءة الرائعة عليها باللون الأزرق الملكي والفوشيا. عندئذٍ، تخيّلت كم سيكون رائعاً لو أنّ أحداً يقوم بتصميم المجوهرات مستوحياً من تلك القطعة ليعكس الفنّ والتاريخ معاً. وبعد بضعة أيّام، قلت لنفسي إنّني ربما أكون الشخص المناسب لتحويل تلك القطعة إلى مجوهرات جميلة، وهكذا بدأت أقوم بأبحاث ودراسات حول الموضوع.

هل تتّبعين فلسفة معيّنة في عملك؟

الفلسفة التي أتّبعها في التصميم بسيطة ومعقّدة في الوقت نفسه. فأنا أريد دائماً أن تعكس تصاميمي الفنّ التاريخي، لكنّ المشكلة هي أنّ التاريخ رتيب ومضجر بعض الشيء، لذا فإنّ اختيار التصاميم الفنيّة قد يكون صعباً لكنّني أحاول دائماً انتقاء ما يهمّ الناس ويلفت نظرهم. أرغب في أن تعي الزبونة أنّها عندما تشتري قطعة من تصاميمي ستجد قصّة مختلفة في كل مرّة.

أخبرينا عن مجموعتك الجديدة.

مجموعتي الجديدة هي A Piece of History أي «قطعة من التاريخ» وتتألّف من ثلاثة خطوط مختلفة. تحمل المجموعة قيمة فنيّة كبيرة وآمل أن أنجح في إيصالها إلى الزبونة. الخطّ الأوّل هو Blue Quran أو المصحف الأزرق. ففي التاريخ، يُذكر أنّه كان هناك قرآن ملوّن وحيد فقط في القرن العاشر وهو المصحف الأزرق. أمّا قطع مجموعة Blue Quran، فتعكس هذا المصحف الذي تألّف من 600 صفحة من البرشمان النيلي، أمّا الكتابة فكانت باللون الذهبي اللّامع. وقمت بابتكار نسختي الخاصّة في مجوهراتي مع آيات قرآنيّة منقوشة عليها أيضاً.

الخطّ الثاني هو «شجرة الدرّ» وهو كناية عن قطع نقديّة. شجرة الدرّ هي من بين النساء المسلمات القلائل اللواتي أصبحن ملكات وقد حكمت في عصر الأيّوبيّين والمماليك. وأنا لم أعجب بقصّتها وتاريخها فحسب، بل شعرت بأنّها رمز لتمكين المرأة أيضاً. لهذا السبب، قرّرت أن أعيد تصميم قطعها النقديّة تكريماً لذكراها ولشخصها.

والخطّ الثالث والأخير في المجموعة هو كناية عن حلي صغيرة. فقد اخترت أغراضاً مختلفة من الفنّ الإسلامي ومن عصور متعدّدة مثل المصباح المملوكي وعلبة المجوهرات العاجيّة وإبريق البلّور الصخري وغرفين بيزا. ويعود اهتمامي بهذه القطع إلى قيمتها وفرادتها، لذا أردت أن أعيد إليها الحياة لأنّها عناصر مهمّة من التاريخ. وفي الماضي كان النقش على السطوح الدقيقة مثل العاج والبلّور الصخري عمليّة صعبة جدّاً، لكنّنا نرى في علبة المجوهرات العاجيّة مثلاً وإبريق البلّور الصخري عزم الإنسان وإصراره ودقّة عمله. كما أنّ قصّة المصباح المملوكي مثيرة أيضاً للاهتمام، فقد قام حكّام مصر وسوريا في الفترة الممتدّة بين عامي 1250 و1517 بابتكار المصابيح لإضاءة المساجد والمدارس، وكانت تلك المصابيح مزدانة بنقشة الأزهار والرموز المصنوعة من المينا باللون الذهبي والأبيض والأزرق والأحمر والأصفر والأخضر، وكانت تُحفر عليها أيضاً آيات قرآنيّة ولا سيّما آية النور.

أمّا الحلية الأخيرة، فهي غرفين بيزا، المخلوق الأسطوري الذي يزيّن مبنى Pisa Cathedral في إيطاليا والذي يرمز إلى القوّة والحماية.

أيّ من القطع هي المفضّلة لديك؟

بالنسبة إليّ، كل تصاميمي مميّزة فلكل منها قصّة مختلفة. لكن بما أنّني أحبّ الأقراط كثيراً، أظنّ أنّ أقراط المصحف الأزرق هي المفضّلة لديّ ولها مكانتها الخاصّة في قلبي.

ما هي أبرز 3 صفات لدى امرأة Haneen Saber؟

الغموض والإصرار وتقدير الفنّ.

إذا كان على المرأة اختيار قطعة واحدة من تصاميمك، فبأيّ واحدة تنصحينها؟

بما أنّني أحبّ الأقراط وأجد أنّها قطع الأكسسوار الأولى التي تلفت نظر الآخرين، سأنصحها بها. وأفضل خيار بالنسبة إليّ هو الأقراط المرصّعة بالماس وبحجري المفضّل.

ما هو التحدّي الأصعب الذي واجهته أثناء تأسيس عملك الخاصّ؟

أظنّ أنّ الأصعب بالنسبة إليّ كان الإنتاج. فقد عملت على إيجاد المصنع الملائم والجدير بالثقة ليتماشى مع معاييري. فأنا لم أرد أن أنتج المجوهرات بكميّات هائلة، بل كان هدفي تقديم قطع مجوهرات غنيّة بالمعاني التي تحملها ومصنوعة بأعلى جودة. ولا شكّ في أنّ الإنتاج لم يكن التحدّي الوحيد الذي واجهته، فكوني صاحبة أعمال جديدة، اضطررت إلى العمل بمفردي في البداية وإلى إيجاد الحلول لكل المشاكل التي قد تطرأ فجأة. ولكل مرحلة من مراحل العمل مصاعبها وتحدّياتها.

هل تودّين مشاركة بعض النصائح مع المصمّمات الصاعدات؟

أهمّ نصيحة هي القيام بالكثير من الأبحاث! أنا لا أزال أعتبر نفسي مبتدئة في عملي هذا، ولديّ الكثير لأتعلّمه ولا سيّما أنّني متخصّصة بتاريخ الفنّ وهو مجال بعيد عن تصميم المجوهرات. لكنّني أنصح المصمّمات الصاعدات بأن يتخطّين الحدود بتصاميمهنّ لتكون دائماً مختلفة ولتبرز في السوق.

من هو مصمّم المجوهرات المفضّل لديك؟

أقدّر دور المجوهرات بشكل عام، فتصاميم كل منها فريدة ومميّزة عن الأخرى. أحبّ مثلاً مجوهرات Harry Winston وGraff وCartier. لكنّني أهوى المجوهرات القديمة وأظنّ أنّ السبب هو نظرتي إليها كقطع أثريّة وفنيّة من التاريخ. ومن بين الدور ومصمّمي المجوهرات المفضّلين لديّ دار Hemmerle في ميونخ. فمجوهرات هذه الدار وبخاصّة الأقراط تتميّز بأسلوبها الذي يجمع بين الفنّ المعاصر وصناعة المجوهرات القديمة، وأنا أحبّ هذا المزيج كثيراً
في المجوهرات.

ما هي مشاريعك المستقبليّة؟

سأعمل من أجل إيجاد المزيد من التصاميم والقطع الفنيّة التي يجب أن تبقى في ذاكرتنا. أريد البحث عن القطع الأثريّة والفنيّة المنسيّة التي تحمل في طيّاتها معانياً قيّمة لأعيد إليها الحياة في مجوهراتي.

 

 

اقرئي أيضاً: حقائب‏PALESTYLE تشجّع حضارتنا، بولغري تبهرنا بمجموعة ديفاز دريم الأنيقة والمترفة، اكتشفي مشروع Tod’s الجديد

 
شارك