فـي إفطار فندق هيلتون

أضحك حين أتذكّر إيش تقول لي صديقتي اللبنانيّة بلهجتها: «هيا ما بتعرف طعمة تمّا». و«تمّا» تعني «فمها». وهيّ تقول كده حين تدري مثلاً إنّي ما أحبّ الأكلة ديه أو ما أقدر أتذوّق الحاجة ديه. بس دوم نتّفق في النهاية إنّه الدنيا بيها أذواق وإنّه كلّ واحدة مو نسخة عن الثانية. أتذكّر الحاجات ديّة وأنا أجلس ويّا العيلة في ردهة الاستقبال في فندق هيلتون. ننتظر يحين موعد الإفطار. أتذكّر وبعد كده أنتبه إنّي أبتسم. طبعاً إذا حدّ يشوفني رايح يهرّج ويقول: إيش؟ جنون؟ تبتسمين من غير ما حدّ يكلّمك؟! بس حظّي حلو مرّة. ما حدّ يشوفني. أرجع لأفكاري. أتمنّى أسوّي غرفتي مثل الردهة ديّة، كبيرة، فخمة، مثل الغرف في القصص الخياليّة. أمّي دوم تقول لي إنّه ملابسي وحقائبي وأكسسواراتي تحتاج لغرفة. طب الأناقة في دمّي. شوفي العباءة ديّة. عندي عباءات كثير، بس ما قدرت أقاومها. بيها حاجة غير، مختلفة ومريحة. الناس ابتدوا يدخلون صالة الإفطار. نقف. أمشي بس مو بسرعة. أريد أطبع مشهد الفخامة في ذاكرتي. كمان ما أحسّ بالجوع. في رمضان أشوف نفسي خفيفة، مثل الريشة. بعدين أنتبه وما آكل أيّ حاجة. ندخل لصالة الإفطار. نبتدي نسمع أصوات الملاعق وهي تصطدم في أكواب الحساء أو أطباق السلطة. مشهد بالألوان. عصائر فواكه وتشكيلات ومقبّلات ووصفات رئيسيّة وكلّ حاجة. نجلس. طبعاً الميّة أوّلاً والتمر عشان ما أصدم أمعائي. خبيرة التغذية قالت لي الكلام ده. الأفكار تسرقني مرّة ثانية. أكلت التمر بس ما أدري... حبّة أو اثنين؟ خلاص يكفي، مو رايحة آكل بعد. بيه ناس ياكلون الكبسة. القاعدة الذهبيّة اللي يتبعونها هيّ: الأكل متعة مو قواعد وممنوعات. في القاعة أسمع أصوات كثيرات يتكلّمون وكلامهم مثل طنين النحل. أتذكّر في مرّة زرت ويّا صديقاتي مكان لتربية النحل. ودحين حساء أو سلطة؟ أمي تشوف إنّي أحتار وتسألني: «ليه ما تاكلين شوربة حبّ؟ قمح ولحم كلّها مفيدة». بس أقول في نفسي السلطة الخضراء أفضل. وبعد كده أنتظر 15 دقيقة قبل الطبق الرئيسي. كده مو رايحة أحسّ بالانزعاج. ما أريد أشرب العصير دحين. في اللحظة ديّة ما أسمع كثير أصوات ملاعق وأطباق في القاعة. الناس ياكلون بسرعة مو معقولة. أختار من كل أكلة كميّة صغيرة. بيه أكلات سعوديّة وأكلات عالميّة وثمار بحر. روائح الأطباق تختلط. أسوّي جولة بنظراتي. ديكور المكان يهبل، رمضاني روعة. في جدّ عالم خيالي. واتساب... بنت عمّتي تسألني: كيف الإفطار؟ وأنا أقول لها: روعة. ما ينقص غير حضوركم. أحبّ عيش الصاج. لذيذ ومو عادي. كلّ صديقاتي من بلدان ثانية يقولون لي إنّهم يحبّون العيش ده. تصدّقين؟ في الإفطارات أحسّ بالشبع في وقت قصير... والحلويات؟

اقرئي أيضاً: أجواء رمضانية شرقية في فورسيزونز خليج البحرين، أجواء رمضان في والدورف أستوريا رأس الخيمة، أتكلّم عن الهدف الروحي للصيام

 
شارك